ألم ترَ أنّ حارثةَ بنَ بدرٍ ... يُصَلّي وهْوَ أكفرُ من حمارِ
فأنشأنا هذا المجمع وانتخبنا له خير أدباء الشبان، وقلنا للناس: هذا عملنا، فمَن عمل مثله فهو مثلنا، ومن عمل خيراً منه فهو خير منّا، ومن عمل دونه فهو دوننا، لا فضل لأحد على أحد إلا بفضل عمله. وحفظنا لشيوخ الأدب في البلد أقدارَهم، ولم يفكر واحدٌ منّا في انتقاصهم والتسميع بهم (?). نستغفر الله، أننتقص شيوخنا وأساتذتنا؟ إنّا إذن لقوم سوء.
ولا نزعم لأنفسنا احتكار الأدب ولا الاستئثار به، وهل الأدب بضاعة تُحتكَر؟ ولسنا سماسرة نتاجر به، وليس الأدب ممّا يُتاجَر به. نقول هذا صادقين ونعلنه، فمَن لم يفهمه أو لم يُرِد أن يفهمه فما علينا من إثمه شيء:
عليَّ نحتُ القوافي من معادنِها ... وما عليَّ إذا لم تفهم «البشرُ»
أو «البقر» كما قال الشاعر! وما علينا شيء من الإثم إذا كان في البلد قوم لا يرضون عن المجمع إلا إذا انتخبناهم أعضاء فيه، ولا نقدر على انتخابهم لأن صلتهم بالأدب صلة جهل لا صلة علم، وصلة عداء لا صلة ودّ. وليس في طوقنا إرضاء الناس جميعاً، ولكنْ في طوقنا أن نعمل ما نستطيع، وأن نسمع ونطيع لكل ناقد ناصح ينطق بالحق ويَهدي للّتي هي أحسن، ويدلنا على سبل الخير وينبهنا إلى مواطن الخطأ، ونقول له مقالة الرجل العظيم عمر: «رحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي».