مضطربة خلواً من العامل الأدبي، ينطبق عليها قول المؤرخ الفرنسي هوفلاك عن الصين في عهدها الماضي، إذ يقول: "كنتَ لا تسمع أنّى سرت وحيث توجهت إلا أصوات التذمر والشكوى، ترتفع ثم تنخفض وتصير همساً، ثم تعلو حتى تكون ضجة وحشية هائلة. كان الشعب يُصيخ للمثقفين من أبنائه، ولكن هؤلاء المثقفين كانوا عاجزين عن تعيين أغراضهم وتوجيهها وجهة معروفة. المصلحون يَشْكون الاستبداد، والأدباء يشكون ركود الأدب، والأفراد يشكون الاضطراب والحيرة ... وكل أولئك هَاوٍ إلى قرارة المنحدر".
ولم يقتصر الأمر عندنا على ضلال الأدب وِجْهَةَ الصواب، بل تعداه إلى الوقوف، إلى السكون المطلق، حتى إنك لتشكّ (وأنت في شكك على حق) بوجود أدباء في سوريا! وهكذا ضعفت نهضتنا واضطربت لأنها فقدت ما هو منها بمثابة العمود الفقري من الإنسان، وهو الأدب.
ولا أريد بالأدب القصائد والمقالات فقط، بل أريد «الحركة الفكرية» بمعناها الواسع. أريد أن تُبنى نهضتنا على أساس فكري واضح وعلى ركن من الثقافة رَكين، وأن يُبدَأ بوضع هذا الأساس في المدارس وفي أدمغة الأطفال لينشأ جيل جديد يفهم النهضة على وجهها الصحيح.
هذا ما نريد من زعمائنا أن ينتبهوا له، ومن أجل هذا كتبنا في دعوة الطلاب إلى الاشتغال بدروسهم، وقلنا لهم إن وطنية الطالب في درسه وعلومه وإن المستقبل يجب أن يُبنى على العلم، فاتُّهِمْنا بالرجعية! ومن أجل هذا دافعنا عن الجامعة وسفَّهْنا رأيَ من يدعو إلى إغلاقها -على ما قد يكون لهذا الداعي من حجج-