البواكير (صفحة 231)

بل تشمل أطراف الحياة العائلية كلها فتقلبها رأساً على عقب: كانت تطيعه هي، فيجب أن يطيعها هو الآن! وكان له الرأي في لبسها وزيّها، فيجب أن تخرج على رأيه وتتبع دور الأزياء الباريسية، وترهق زوجها في كل ما تطلبه من الأزياء الجديدة! وكان يحدد لها مصروفها وميعاد غيابها عن المنزل، فيجب أن تحدد له مصروفه وميعاد غيابه، حتى إذا تأخر أو ذهب من غير أن يستأذنها أدَّبَتْه بلسانها ويدها ... وعند اللزوم بالمقشة أو بالقبقاب، ولا مؤاخذة!

* * *

هذه هي حرية المرأة كما تفهمها فتاة ذكية الفؤاد محدودة الثقافة من أسرة كبيرة.

وإنه ليحزننا أن تُمسَخ هذه الدعوة المباركة -الدعوة إلى تعليم المرأة وتثقيفها- حتى تصبح على هذا الشكل، وتضيع جهود العقلاء من أنصار المرأة والعاقلات من النساء ممّن نادى بوجوب تعليم البنت وتثقيفها الثقافة الحقيقية.

وأنا لا أنكر على المرأة أنها ذات مواهب وأنها قد تبلغ من النبوغ في فروع المعرفة حدَّ السُّمُوّ، ولو شئت لضربت الأمثال بكاتبات هنّ في نظري من جِلّة الكتّاب وأكابرهم ... كل هذا نفهمه، ولكننا لا نستطيع أن نقبل بهذا التجديد الذي تزعمه قريبتي إذا كان ينحصر في «الموضة» والبذخ. ولسنا نلومها أو نلوم مثيلاتها من الفتيات، ولكنّا نلوم المحيط، ولا سيما الهيئات النسائية التي يُنتظَر منها أن تعمل على بثّ الثقافة بين النساء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015