فيدع فراشه الوثير وما فيه من راحة ودفء ثم يعمد من فوره إلى الماء البارد، في حين أن تارك الصلاة يريد أن يقوم، فلا يزال يتمطّى كالكلاب ويقوم ويقعد كمن به مَسّ، فإذا ترك السرير استقبل الأريكة، وإذا قام عن الأريكة ابتدر الكرسي!
ومن أراد أن يطلب من تارك الصلاة وفياً مخلصاً كان كطالب من الماء جذوة نار! فإنه ليس في الناس من يقدر على التدليل والإثبات بأن الصلاة مُضرّة أو غير لازمة، بل هو يعترف بفائدتها ويتركها. إنه يضر نفسه، ومن ضَرَّ نفسه فأَوْلى به أن يضر غيره، ومن لا يفي لربه بخمس صلوات في اليوم لن يفي لأمته وبلاده.
الصلاة ليست ركوعاً وسجوداً وقياماً وقعوداً، بل إن هذا كله بمثابة الجسد منها، أما روحها فهي الخشوع؛ فمن لم يخشع في صلاته كان كمن يرفع إلى الله جسداً ميتاً، ولا خشوع لمن عقله في بيته أو دكانه، وفي تجارته أو ولده.
* * *
لا تحاول أن تقنع تارك الصلاة بلزومها وتسرد له فوائدها وما ورد فيها، بل اسعَ لتذيقه لذّتها. وكثيراً ما كنت أنصح الرجل ثم أضطر أن أقول له:
لو كنتَ تفهم ما أقول عذرتني ... أو كنتُ أطمع أن تبوء عذلتُكا
لكنْ جهلتَ مقالتي فعذلتني ... وعلمتُ أنك جاهل فعذرتُكا
وصلى الله على محمد، لقد كانت قرة عينه في الصلاة.
* * *