يجب أن تخرج قضية المجلة من دَوْر التفكير إلى دَوْر العمل، ويجب أن يجتمع بعض من يهمه هذا الأمر للمداولة والبحث، ثم يقرروا منهاج العمل ويسيروا فيه. ولا يَفهَمَنَّ أحدٌ -إذا دعوت إلى إنشاء المجلة أو سعيت لها- أنني أدعو لأكون صاحبها أو محررها. لا، وإنما أعمل كأقلّ عامل فيها. أقول هذا لأن الناس اعتادوا أن يفسروا كل عمل للمصلحة العامة بأنه للمصلحة الخاصة، فيخاف العامل من هذا فلا يعمل شيئاً، وما ذلك إلا نوع من الحسد الممقوت والخلق السيئ. ولقد قالوا إننا نقوم بهذه الرسائل من أجل التجارة وإننا جمعنا مبلغاً عظيماً من المال من طريق التبرعات، فأفهمناهم أن التبرعات لا تكفي أبداً وأن الرسائل كانت تنقطع منذ رسالتين لو لم يتبرع أحد المحامين المسلمين بنفقة رسالة برمّتها ولو لم يتبرع شاب أديب بنفقات أخرى، وأنذرَنا أن لا نذكر اسمه كما أنذرَنا الأولُ. وأنه ليس معنا الآن شيء لإصدار ما يلي هذه، فأين هو هذا المال؟
هذه واحدة، وأما الأخرى فهي قضية المدارس. وإذا أطلقت كلمة «المدارس» فإنما أقصد منها المدارس التجهيزية التي تقدم طلابها لفحص البكالوريا، وهذه في دمشق على أقسام: أجنبية وأهلية وحكومية. أما الأجنبية فلا أحاول أن أقول كلمة عن منهجها والغرض من تأسيسها وعن صنيعها بأبناء المسلمين، لأن هذا شيء يعرفه القارئ فلا يحتاج إلى تعريف به، أو لا يعرفه إلى الآن فلا يمكن أن يعرفه الآن! بقي علينا المدارس الأهلية والحكومية، وليس للحكومة في دمشق إلا مدرسة واحدة هي المدرسة التجهيزية (مكتب عنبر)، وهذه -على ما فيها من نقائص- أحسن