على أنه لم يَتَمَنَّ فقط صدور هذا الكتاب، بل اختار له العنوان أيضاً؛ قال في أول الحلقة الثانية والستين من «الذكريات»: "المقالات التي كتبتها في هذه المدة كثيرة جداً، لكنْ لا تسألوني عن عددها لأني لم أجمعها كلها، فهل يأتي -يوماً- من يكون أحرصَ على جمعها مني أنا صاحبها، فيبحث في مجموعات الصحف الشامية: فتى العرب، والمقتبس، والقبس، وألف باء، والجزيرة، والناقد، فيأخذ ما كتبته فيها فيجعل منه المجموعة الكاملة «لبواكير» كتاباتي؟ ".
ثم شاء الله أن يكتب لمقدمة هذا الكتاب كلمةَ الختام! فقد وجدت بخطه كلمات كتبها على حاشية دفتر مخطوط ضم بعض المقالات القديمة، فكأنه ما كتبها إلا لأضعها في هذا الموضع! قال فيها: "هذا شيء قليل جداً من كثير جداً كتبته في تلك الأيام، ولو جمعت كل الذي كتبته لكان لي إلى الآن أكثر من ستين كتاباً. على أني إذا ربحت منه قليلاً من ثواب أو سبّبَ لي دعوة صالحة تنفعني في آخرتي فذاك، وإلا فهو سراب، وكل الذي فوق التراب تراب إذا لم ينفع صاحبَه يومَ الحساب. اللهُمَّ حُسْنَ الخاتمة والمغفرة. علي الطنطاوي: مكة المكرمة، آخر سنة 1389".
وبعد كتابة هذه الكلمات بأربعين سنة وشهور جئت أنا لأثنّي فأقول: اللهُمَّ آمين، اللهُمَّ اغفر له وارحمه، وارحم معه اللهُمَّ حفيدَه الذي جمع مادة هذا الكتاب، وصهرَه الذي ينشره اليوم على الناس.
مجاهد مأمون ديرانية
جدة: جمادى الآخرة 1430