البواكير (صفحة 103)

وبسّيمة مُتَنَزَّه فَتّان حوى من جمال الطبيعة وبهائها ما لا يحيط به وصف، وأهل بسّيمة قوم ما أحسب أن في الناس أطهر منهم قلوباً وأصفى نفوساً وأقوى إيماناً.

ذهبت إلى «بَسّيمة» في يوم عطلة، فلم أكد أصلها حتى يمّمت وجهي -وكان ذلك مساء- شطر العين الخضراء، وعهدي بالعين ومرجتها بقعة إسلامية، تقام فيها الصلوات وتُتلى فيها آي الله ويرفرف عليها الخشوع بجناحيه الطاهرين، فرأيت فيها ما لا عهد لي به ولا يخطر لي ببال: نساء متبرّجات يعرضن للناس زينتهن وعوراتهن، ورجال مُبَرْنَطون يترصّدون لهن فيكلمونهن ويغازلونهن، وآخرون يشربون ويطربون ثم يسكرون ويعربدون، والصلاة تقام، فلا هم يصلّون ولا هم يكفّون عن ضجيجهم وغنائهم حتى يصلي المصلون! وما لم أحدثك به أدهى وأمر:

فَظُنَّ شَرّاً ولا تسألْ عن الخَبَرِ!

هذا في مَصِيف كنا نعده إسلامياً، فما ظنك بالزَّبَداني وبلودان؟ بل ما ظنك بلبنان؟ وأعاذك الله من لبنان!

لقد كنا وكان الناس يراؤون بالصلاح، فأصبحنا والناس يراؤون بالإلحاد. وكنا وكان العاصي يتنحّى ناحية ليعصي ويفسق، فأصبحنا والصالح يتنحّى ليطيع ويعبد! صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عاد الدين غريباً، وآضَ المتمسّك بدينه كالقابض على الجمر!

الإسلام غريب، وأين؟ في دمشق! ظئر الإسلام ودار التقى والصلاح، فيكف نرضى بالسكوت، ومن يخلّصنا من الله غداً إذا سألَنا: لِمَ لمْ تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر؟ بماذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015