ولأن فيه رعاية حق الفقراء والقرابة جميعا، وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بنصيبهم، فالوصية أولى: لأنه يكون صدقة على الأجنبي، والترك هبة من القريب، والأولى أولى لأنه يبتغى بها وجه الله تعالى. وقيل في هذا الوجه: يخير الموصي لاشتمال كل منهما على فضيلة، وهو الصدقة والصلة فيخير بين الخيرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــQورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " الأموال " عن أبي هريرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سئل أي الصدقة أفضل؟ فقال: "الصدقة على ذي الرحم الكاشح» ، انتهى.
والكاشح الذي يخفي عدوانه في كشحه، والكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع، وإنما الصدقة عليه أفضل لما فيه من مخالفة النفس وقهرها. وكذلك في ذي الرحم الصديق. ثم اعلم أن الأفضل أن يجعل وصية لأقاربه الذين لا يرثون إذا كانوا فقراء، وعليه أهل العلم.
وقال ابن عبد البر: لا خلاف فيه بين العلماء. وعن طاوس والضحاك: تنتزع من الغير وترد إلى قرابته. وعن الحسن وجابر بن زيد: يعطى الثلث للغير ويرد الباقي إلى قرابته.
م: (ولأن فيه) ش: أي في ترك الوصية إذا كانت الورثة فقراء م: (رعاية حق) ش: النفس م: (الفقراء والقرابة جميعا، وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بنصيبهم) ش: من الإرث م: (فالوصية أولى؛ لأنه يكون صدقة) ش: أي لأن الإيصاء بالثلث حينئذ بمنزلة الصدقة م: (على الأجنبي، والترك) ش: أي ترك الوصية بالثلث يكون م: (هبة من القريب، والأولى أولى) ش: أي الصدقة على الأجنبي أفضل م: (لأنه يبتغى بها وجه الله تعالى) ش: لأنها صدقة في حياته.
م: (وقيل في هذا الوجه:) ش: وهو ما إذا كانت الورثة أغنياء يستغنون بنصيبهم م: (يخير الموصي لاشتمال كل منهما) ش: أي من الوصية والترك م: (على فضيلة وهو) ش: أي اشتمال الفضيلة م: (الصدقة) ش: في حق الأجنبي م: (والصلة) ش: في حق الورثة، فإذا كان كذلك م: (فيخير بين الخيرين) ش: بكسر الخاء، يعني بين الخيارين. وفي " شرح الطحاوي " الأفضل لمن كان له مال قليل أن لا يوصي بشيء إذا كانت له ورثة، والأفضل لمن كان له مال كثير أن لا يجاوز الثلث فيما لا معصية فيه.
وفي " خلاصة الفتاوى " عن الإمام الفضلي: إذا كانت الورثة صغارا فترك الوصية أفضل، قال: هكذا روي عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وإن كانوا بالغين إن كانوا فقراء ويستغنون بثلثي التركة فالوصية أفضل.
وقدر الاستغناء عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا ترك لكل واحد من الورثة أربعة