والفرق لمحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن في الأولى الذي يرجع به عوض عما سلم لولي الجناية الأولى؛ لأن الجناية الثانية كانت في يد المالك. فلو دفع إليه ثانيا يتكرر الاستحقاق. فأما في هذه المسألة فيمكن أن يجعل عوضا عن الجناية الثانية لحصولها في يد الغاصب فلا يؤدي إلى ما ذكرناه.
قال: ومن غصب صبيا حرا فمات في يده فجأة أو بحمى فليس عليه شيء، وإن مات من صاعقة أو نهشته حية فعلى عاقلة الغاصب الدية. وهذا استحسان، والقياس: أن لا يضمن في الوجهين، وهو قول زفر والشافعي - رحمهما الله - لأن الغصب في الحر لا يتحقق، ألا يرى أنه لو كان مكاتبا صغيرا لا يضمن مع أنه حر، فإذا كان الصغير حرا رقبة ويدا أولى. وجه الاستحسان: أنه لا يضمن بالغصب، ولكن يضمن بالإتلاف، وهذا إتلاف تسبيبا؛ لأنه نقله إلى أرض مسبعة أو إلى مكان الصواعق.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفعلى هذا يحتاج محمد إلى الفرق بين المسألتين، أشار إليه المصنف بقوله: م: (والفرق لمحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن في الأولى) ش: وهي ما إذا كانت الجناية الأولى عند الغاصب، والثانية عند المالك م: (الذي يرجع به) ش: أي الولي م: (عوض عما سلم لولي الجناية الأولى؛ لأن الجناية الثانية كانت في يد المالك. فلو دفع إليه ثانيا يتكرر الاستحقاق) ش: لأن هذا بدل ما وقع إليه وبدل الشيء يقوم مقامه، فلو استحق البدل بعدما استحق المبدل يتكرر الاستحقاق.
م: (فأما في هذه المسألة فيمكن أن يجعل عوضا عن الجناية الثانية لحصولها في يد الغاصب فلا يؤدي إلى ما ذكرناه) ش: أي إلى تكرار الاستحقاق.
قال الأكمل: قوله: " أما في هذه المسألة " فيه نظر، فإن الجناية الثانية وإن حصلت في يد الغاصب، لكن أخذ الولي منه حقها أول مرة ولم يبق لوليها استحقاق، حتى يجعل المأخوذ من الغاصب ثانيا في مقابلة ما أخذه.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن غصب صبيا حرا) ش: أي ذهب به بغير إذن وليه فيكون ذكر الغصب في هذا الموضع بطريق المشاكلة، وهو أن يذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في زمنه م: (فمات في يده فجاة أو بحمى فليس عليه شيء، وإن مات من صاعقة أو نهشته حية فعلى عاقلة الغاصب الدية، وهذا استحسان، والقياس: أن لا يضمن في الوجهين، وهو قول زفر والشافعي - رحمهما الله -) ش: وبه قال مالك وأحمد م: (لأن الغصب في الحر لا يتحقق، ألا يرى أنه لو كان مكاتبا صغيرا لا يضمن مع أنه حر يدا، فإذا كان الصغير حرا رقبة ويدا أولى) .
م: (وجه الاستحسان: أنه لا يضمن بالغصب، ولكن يضمن بالإتلاف، وهذا إتلاف تسبيبا) ش: أي من حيث السببية م: (لأنه نقله إلى أرض مسبعة) ش: أي إلى أرض تأوي إليها السباع م: (أو إلى مكان الصواعق) ش: أي إلى مكان تنزل فيه الصواعق عادة وهو جمع صاعقة معروف.