. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQقلت: هذا الوجه لا يفهم من هذا الكلام على ما لا يخفى على الفطن، وأيضاً مجاوزة الثلاث في الماء كيف يكون عدوانا إذا لم تحصل الطهارة بالثلاث والزيادة بالأحجار وإن كانت شفعا كيف لا يصير عدوانا وقد نص عليه الأنباري فافهم.

قلت: نحن نستدل بحديث أخرجه البخاري في "صحيحه ": حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أنه سمع عبد الله يقول: «أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد، فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: "هذا ركس» ". وجه الاستدلال به ظاهر لأنه أنقى بالحجرين ولم يبتغ ثالثاً.

وقال الطحاوي: حديث عبد الله دليل على أن الثلاثة ليست بشرط، بيانه أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قعد للغائط في مكان لم يكن فيه حجارة لقوله لعبد الله: "ناولني ثلاث"، ولو كان بحضرة حجارة لما احتاج أن يناوله غيره من غير ذلك المكان، ولما اقتصر على الحجرين دل ذلك على أن الاستنجاء يجزئ بهما ما يجزئ منه الثلاثة إذ لو لم تجزئ الثلاثة لما اكتفى بالحجرين ولأمر عبد الله أن يأتيه بالثلاث، وقال ابن القصار: وقد روي في بعض الآثار التي لا تصح: أنه أتى بحجر ثالث.

قال: ولو صح ذلك فالاستدلال لنا به صحيح لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقتصر للموضعين على حجرين أو ثلاثة يحصل لكل واحد منهما أقل من ثلاثة أحجار ضرورة ولا يقتصر على الاستنجاء لأحد الموضعين ويترك الآخر، ولعل ذكر الثلاثة خرج مخرج الغالب في الاكتفاء بحصول الإنقاء بها لا مخرج الشرط أو تحمل الثلاث على الاستحباب، ولأن الثلاثة متروكة عندهم حتى إنه بالحجر الواحد إذا كان له ثلاثة أحرف فيقوم مقام الثلاث فكذا يقوم الحجر أو الحجران إذا حصل الإنقاء مقام الثلاثة لحصول المقصود من الإنقاء فلا معنى للمحمول على لفظة الثلاثة مع حصول المقصود المفهوم من الشرع. وعن محمد لا يجزئه حجر له ثلاثة أحرف.

فإن قلت: يحمل الوتر المطلق، على المقيد وهو الثلاثة.

قلت: هذا النوع على أصلنا، ولئن سلمنا فقد يقع الحرج على تاركه فانتفى وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار، وبين أن المراد بالأمر الاستحباب والندب

فإن قلت: قد فهمنا أن النهي لمعنى الكراهة وتركها لا يمنع الجواز.

قلت: ونحن فهمنا أيضا أن المقصود من الأمر بالتثليث تحصيل إزالة النجاسة وجعلها وتحقيقها، فإذا حصل ذلك كفى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015