والصيد المذكور فيما تلا محمول على الاصطياد وهو مباح فيما لا يحل، والميتة المذكورة فيما روي محمولة على السمك
ـــــــــــــــــــــــــــــQوهذا يدل على إباحة ما في البحر سوى السمك.
قلت: المراد منها السمك والدليل عليه ما رواه البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال غزونا جيش الخبط وأميرنا أبو عبيدة، فجعنا جوعا شديدا فألقى البحر حوتا ميتا لم ير مثله يقال له العنبر، فأكلنا منه نصف شهر وأخذ أبو عبيدة عظما من عظامه فمر الراكب تحته، والخبط بفتحتين الورق.
م: (والصيد المذكور فيما تلا محمول على الاصطياد) ش: جواب عن استدلالهم فيما ذهبوا إليه في قوله سبحانه وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] .
تقريره: أن المراد من لفظ الصيد هو المصدر وهو الاصطياد فيتناول ما يحل وما يحرم وليس المراد منه الاسم، وقد قررناه فيما مضى.
فإن قلت: لو كان يستقيم حمله لكانت الكناية من قوله سبحانه وتعالى: {وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] لا يستقيم حمله على الاصطياد فإنها راجعة إلى الصيد.
قلت: الطعام المذكور محمول على السمك لأن المتعارف أنه طعام البحر والكناية تنصرف إلى البحر قوله: " فيما تلا " الصواب " فيما تلي " على صيغة المجهول وهكذا هو في النسخ الصحيحة.
م: (وهو) ش: أي الاصطياد م: (مباح فيما لا يحل) ش: لمنافع أخرى غير الأكل م: (والميتة المذكورة فيما روي محمولة على السمك) ش: هذا أيضا، جواب على استدلالهم بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» أي الميتة المذكورة في الحديث، محمولة على السمك. وقوله: روي على صيغة المجهول أيضا على ما لا يخفى على الفطن.
فإن قلت: هذا خبر آحاد فكيف يجوز تخصيص الكتاب وهو قوله سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] .
قلت: هذا خبر مشهور قد تأيد بالإجماع فيجوز تخصيص الكتاب به، على أن حكم السمك ثبت بقوله سبحانه وتعالى: {تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر: 12] . مع أنه لا تعارض بين الكتاب والخبر لأن الميتة المحلاة باللام جنس إذا لم يكن معهودا، والميتة من الدمويات المعهودة بدليل قوله سبحانه وتعالى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] فعلم أن الميتة تكون ميتة باعتبار الدم المسفوح، ولا دم للسمك فيصرف إلى العهد فلا يبقى التعارض.