فصل في المهايأة المهايأة جائزة استحسانا للحاجة إليه، إذ قد يتعذر الاجتماع على الانتفاع، فأشبه القسمة
ـــــــــــــــــــــــــــــQ
[فصل في المهايأة]
م: (فصل في المهايأة) ش: لما ذكر قسمة الأعيان شرع بقسمة الأعراض وهي لغة مشتقة من الهيئة وهي الحالة الظاهرة للمتهيئ للشيء، يقال: هيأها هي مهايأة، ومنه التهايؤ وهو أن يتواضعوا على أمر فيتراضوا به وفي الحقيقة أن يتراضوا بهيئة واحدة، يعني الشريك منتفع بالعين على الهيئة التي ينتفع بها الشريك الآخر، وقد تبدل الهمزة ألفا. وفي عرف الفقهاء هي قسم المنافع.
ومسائل هذا الفصل إلخ من المسائل الأصل لم يذكرها محمد في " الجامع الصغير " ولا القدوري في "مختصره "، ولهذا لم يذكرها صاحب " الهداية " في البداية إنما ذكرها هنا تكثيرا للفوائد.
م: (المهايأة جائزة استحسانا) ش: وفي القياس لا يجوز لأنها مبادلة المنفعة بجنسها، وقال في " شرح الأقطع ": قال أصحابنا: إن المهايأة في المنافع المشتركة عقد جائز واجب إذا طلب أحد الشركاء، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يجوز. وقال الطحاوي في " اختلاف الفقهاء " إني طلبت في ذلك قول الشافعي فلم أجد ظاهرا. مذهبه أن الحاكم لا يجوز أن يجبر على المهايأة. وكذا يذكر أصحاب اليوم. وجه استحسان الكتاب قوله سبحانه وتعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155] (الشعراء: الآية 155) وهذا هو المهايأة.
والسنة ما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج إلى غزوة بدر مع أصحابه على نواضح المدينة ليس لهم ظهر غيرها، فكان يخرج منهم الثلاثة على البعير الواحد التناوب ليس فيهم فارس غير مصعب بن عمير والمقداد بن الأسود» . وروي «عن عقبة بن عامر الجهني قال: كنا نتناوب في إبل الصدقة على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» -
والمعقول وهو أن الأعيان خلقت للانتفاع، فمتى كان الملك مشتركا فكان حق الانتفاع مشتركا أيضا، والمحل الواحد لا يحتمل الانتفاع على الاشتراك في زمان واحد، فيحتاج إليها تكميلا للانتفاع. ثم التهايؤ قد يكون من حيث المكان كالدار الكبيرة يسكن أحدهما ناحية منها والآخر ناحية أخرى. وقد يكون من حيث الزمان بأن ينتفع أحدهما بالعين كالدار والأرض ونحو ذلك مما يحتمل القسمة. وأما فيما لا يحتمل القسمة كالدابة الواحدة والعبد الواحد لا ينافي القسمة إلا من حيث الزمان.
م: (للحاجة إليه) ش: أي إلى فعل المهايأة م: (إذ قد يتعذر الاجتماع على الانتفاع فأشبه القسمة)