لأنه إذا تركه عليه وضمنه قيمته عجز الغاصب عن رده، فصار كالاستهلاك، وهو على هذا الخلاف على ما بيناه، ثم قيل: يضمنه قيمة جلد مدبوغ ويعطيه ما زاد الدباغ فيه كما في الاستهلاك، وقيل يضمنه قيمة جلد ذكي غير مدبوغ.
ولو دبغه بما لا قيمة له كالتراب والشمس فهو لمالكه بلا شيء؛ لأنه بمنزلة غسل الثوب. ولو استهلكه الغاصب يضمن قيمته مدبوغا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأي الترك على الغاصب وتضمين قيمته م: (لأنه) ش: دليل أن في المسألة خلاف إلا دليل المتخلفين.
وقال الأترازي: دليل لقول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقولهما جميعا، أي لأن المالك م: (إذا تركه عليه) ش: أي إذا ترك الجلد على الغاصب م: (وضمنه قيمته عجز الغاصب عن رده فصار كالاستهلاك) ش: يعني لما أبى المالك أن يأخذه مدبوغا وقد عجز عن رده فالتحق هذا بالدباغ بالأدمة استهلاك، والحكم فيه ما ذكرناه.
م: (وهو) ش: أي الاستهلاك م: (على هذا الخلاف) ش: الذي تقدم ذكره أن عنده لا يضمن وعندهما يضمن م: (على ما بيناه) ش: أشار به إلى ما ذكر من الدليل لأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ولصاحبيه في استهلاك الجلد قبيل هذا.
قيل: فيه نظر؛ لأن العجز في الاستهلاك من جهة الغاصب وفيما تركه وضمنه القيمة من جهة المالك ولا يلزم من جواز التضمين في صورة تعدى فيها الغاصب جوازه فيما ليس كذلك.
م: (ثم قيل) ش: هذا إشارة إلى بيان الاختلاف في كيفية الضمان على قولهما، فقيل م: (يضمن قيمة جلد مدبوغ ويعطيه ما زاد الدباغ فيه كما في الاستهلاك) ش: أي في صورة الاستهلاك م: (وقيل يضمنه قيمة جلد) ش: أي يضمنه قيمة جلد م: (ذكي غير مدبوغ) ش: أي طاهر غير مدبوغ لأن صنعة الدباغ حصلت بفعله فلا يوجب الضمان عليه، ولكن من ضرورته زوال صفة النجاسة، وذلك غير حاصل بفعله، بل يتميز الجلد من الدسومات النجسة.
م: (ولو دبغه بما لا قيمة له كالتراب والشمس فهو لمالكه بلا شيء؛ لأنه بمنزلة غسل الثوب) ش: لأنه ليس فيه مال متقوم للغاصب، فكانت الدباغة إظهارا للمالية والتقوم، فصار كغسل الثوب الدنس.
م: (ولو استهلكه الغاصب) ش: أي ولو استهلك الغاصب الجلد الذي دبغه بشيء لا قيمة له م: (يضمن قيمته مدبوغا) ش: أي بالإجماع، نص عليه في " الذخيرة " لأنه صار مالا على ملك صاحبه، ولا حق للغاصب فيه فكانت المالية والتقوم جميعا حقا للمالك فيضمن