ولا يجب حط شيء من البدل اعتبارا بالبيع

ـــــــــــــــــــــــــــــQم: (ولا يجب حط شيء من البدل) ش: أي من بدل الكتابة عن العبد، بل هو مندوب وبه قال مالك والثوري. وقال الشافعي وأحمد: يجب به.

وقال أصحاب الظاهر: وفي وقت وجوبه وجهان: أحدهما بعد العتق، والثاني بعد أداء أكثر البدل، وقدره الشافعي بما يقع عليه اسم المال لاختلاف أقوال الصحابة في قدر المحطوط والاقل يتنفر، وكذا قال صاحب " العناية ". وقال الشافعي: يستحق عليه ربع البدل وهو قول عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

قلت: نص الشافعي ما ذكرناه وحط ربع البدل هو قول أحمد وأسند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بقوله تعالى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] (النور: الآية 33) ، ومطلق الأمر للوجوب.

ولنا ما أشار إليه بقوله م: (اعتبارا بالبيع) ش: أراد أن عقد الكتابة عقد معاوضة فلا يجب الحط فيه، كما لا يجب في البيع، والأمر في الآية للندب؛ لأنه معطوف على الأمر بالكتابة، لأن الأصل أن يكون المعطوف في حكم المعطوف عليه، كذا في " المبسوط " و" الزيادات " هذه جملة تامة فلا يوجب المشاركة كما في قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] (البقرة: الآية 43) .

وأجيب: بأن هذا ليس مثل تلك الجملة، لأن الثانية مرتبطة بالأولى برجوع الضمير إليها، فلم تكن مستبدة بنفسها فصح الاستدلال بالعطف، وفيه نوع تأمل، والتحقيق أن دلالة الآية على ما ادعاه حقيقة جدا، لأنه قال من مال الله وهو يطلق على أموال القرب كالصدقات والزكاة، فكأن الله أمرنا أن نعطي المكاتبين في صدقاتنا ليستعينوا به على أداء الكتابة والمأمور به الإيتاء وهو الإعطاء والحط لا يسمى إعطاء، والمال الذي آتانا الله هو في أيدينا لا الوصف الثابت في ذمة المكاتبين، فحمله على حط شيء من بدل الكتابة عمل بلا دليل.

وقال ابن حزم في " المحلى ": ناقض الشافعي في قوله حيث حمل قَوْله تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] على الندب، وقوله {وَآتُوهُمْ} [النور: 33] على الوجوب وهذا محكم انتهى.

وقال ابن جرير الطبري في " التهذيب ": وفي حديث بريرة أيضا الدلالة على صحة قولنا في قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: 33] (النور: الآية 33) ، يعني من أهل الأموال الذين وجبت في أموالهم الصدقات فأمرهم الله تعالى بإعطاء المكاتبين منها ما فرض لهم فيها بقوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] ولولا ذلك لم تكن بريرة تسأل عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، ولا ضرورة له مع إمكان عجزها عن الكتابة إذا لم تجد سبيلا لا إلى الأداء والرجوع إلى ما كانت عليه من وجوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015