ولا يملك الإجارة من غيره. ونحن نقول: إنه ينبئ عن التمليك، فإن العارية من العرية وهي العطية، ولهذا تنعقد بلفظة التمليك.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثالث: تمليكًا لما ملكه كالأجير لا يملك نهي المستأجر عن الانتفاع.
الرابع: هو قوله م: (ولا يملك الإجارة من غيره) ش: أي لا يملك المستعير إجارة ما استعاره، ولو كان تمليكًا جاز له ذلك، كما يجوز للمستأجر أن يؤجر ما استأجره لتملكه المنافع.
م: (ونحن نقول إنه) ش: أي انعقاد العارية، أو يكون وجه التذكير من الضمير ما ذكرنا الآن م: (ينبئ عن التمليك، فإن العارية من العرية وهي العطية) ش: فإذا كانت العارية عطية يكون تمليكًا م: (ولهذا تنعقد بلفظة التمليك) ش: مثل أن يقول: ملكتك منافع هذه الدار شهرًا، أو جعلت لك سكنى داري هذه شهرًا، ذكره في " المبسوط ".
وإذا انعقدت بلفظة التمليك يكون تمليكًا. وفي قوله: فإن العارية من العرية مناقشة؛ لأنه أراد أنها مشتقة من العرية كما قال الأترازي وليس كذلك، فإن العارية أجوف واوي، ولهذا ذكره أهل اللغة في باب عور، والعرية ناقص وصرف العلة في لامة فلذلك ذكره أهل اللغة في باب عور، والاشتقاق أن تجد بين اللفظين تناسبا في اللفظ والمعنى، والمراد من التناسب أن يكون في الحروف والترتيب كضرب، فإنه مشتق من الضرب والاشتقاق بين عور وعرو.
فإن قلت: هذا الذي ذكرته في الاشتقاق الصغير، وأما الاشتقاق الكبير فلا يشترط فيه إلا التناسب في اللفظ دون الترتيب كجبذ من الجذب.
قلت: المراد من الاشتقاق حيث أطلق هو الصغير، ولئن سلمنا أن بينهما تناسبًا في اللفظ، ولكن لا نسلم أن بينهما اشتقاقًا كبيرًا أيضًا لعدم المناسبة في المعنى، فإن مادة العارية تدل على التناوب أو التداول، ومادة العارية تدل على الإلهام والإتيان، يقال: عروت عروًا إذا ألهمت به وأتيته طالبًا فهو معرور، فلأن تعروه الأضياف، وتعتريه أي تغشاه، وإن أراد أن معنى العارية مأخوذ من معنى العرية فليس كذلك؛ لما نبين لك من اختلاف المعاني في أصل المادة؛ لأن العرية هي النخلة يجعل صاحبها ثمرها عامًا لرجل محتاج فيعودها المحتاج أي يأتيها، وهذا معنى العطية.
وتفسير المصنف إياها بقوله: وهي العطية ليس تفسيرًا بحسب اللغة، ولكن لما كان فيها الأخذ والعطاء أطلق عليها العطية وهي فعيلة بمعنى مفعولة، وإنما أدخلت فيها الهاء؛ لأنها أفردت فصارت في عداد الأسماء مثل النطيحة والأكيلة، ألا ترى أنك إذا أضفت لها النخلة تقول له: نخلة عري فلا يحتاج إلى الهاء؛ لأن الفعيل إذا كان بمعنى المفعول يستوي فيه المذكر