كتاب الوديعة قال: الوديعة أمانة في يد المودع إذا هلكت لم يضمنها لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان ".
ـــــــــــــــــــــــــــــQم: (كتاب الوديعة) ش: ذكرها عقيب كتاب المضاربة، لأن مبناها على الأمانة وهي فعيلة بمعنى مفعولة من الودع، وهو الترك، وشرعًا هي تسليط الغير على حفظ المال أي مال كان بشرط أن يكون قابلاً لإثبات اليد عليه، حتى لو أودع الآبق أو الساقط في البحر أو الطير في الهواء لا يصح.
وركنها: الإيجاب والقبول، فإذا وضع عند آخر ثوبًا مثلاً ولم يقل شيئًا فذهب وذهب الآخر وضاع يضمن؛ لأن هذا إيداع عرفًا.
وكذا لو قال: هذا وديعة عندك بخلاف ما إذا قال الجالس لا أقبل فذهب وضاع حيث لا يضمن لأنه صرح بالرد. ولو ألقاه في بيته كان قابلا بالسكوت، فإذا ضاع يضمنه. وكذا لو قال لصاحب المال أين أضع ثيابي فقال ثمة فوضعه فسرق يضمن.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (الوديعة أمانة في يد المودع) ش: بفتح الدال، ويقال للمال أيضًا مودع بالفتح كما يقال وديعة. وما قيل إن الوديعة والأمانة لفظان مترادفان فلا يرتفعان على الابتداء والخبرية إلا بطريق التفسير، كما يقال: الليث أسد، والحبس منع، وليس المراد هنا التفسير.
فجوابه: أن هذا من باب الإخبار بالعام عن الخاص وهو جائز إلا أن الأمانة أعم من الوديعة.
وقال السغناقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - الأولى أن يقال: إن لفظ الأمانة صار علما ًلما هو غير مضمون، فكان معنى قوله أمانة غير مضمون عليه، وتبعه على ذلك الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وفيه ما فيه لأن العلم ما وضع لشيء بعينه وغير مضمون ليس كذلك، وليت شعري أنى علم هذا من أقسام الأعلام.
م: (إذا هلكت لم يضمنها) ش: لأن المودع متبرع والتبرع لا يوجب ضمان حق لو سرقت عنده، وإن لم يسرق معها ما له لم يضمن عند أكثر أهل العلم إلا عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإنه يضمن للتهمة إذا لم يسرق معه مال له.
م: (لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان»