أن المعتبر في هذا إبقاء من بقي لا رجوع من رجع، وقد بقي من بقي بشهادته نصف الحق. وإن شهد بالمال ثلاثة، فرجع أحدهم فلا ضمان عليه؛ لأنه بقي من يبقى بشهادته كل الحق، وهذا لأن الاستحقاق باق بالحجة، والمتلف متى استحق سقط الضمان فأولى أن يمتنع. فإن رجع آخر ضمن الراجعان نصف الحق؛ لأن ببقاء أحدهم يبقى نصف الحق.

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ضمن النصف) ش: أي النصف المشهود به م: (والأصل) ش: هنا ما ذكروا في " شرح الجامع الكبير " م: (أن المعتبر في هذا بقاء من بقي لا رجوع من رجع، وقد بقي من بقي بشهادته نصف الحق) ش: لأن وجوب الحق في الحقيقة بشهادة الشاهدين، وما زاد فهو فضل في حق القضاء، إلا أن الشهود إذا كانوا أكثر من الاثنين يضاف القضاء، ووجوب الحق إلى الكل لاستواء حالهم، وإذا رجع واحد زال الاستواء وجلت إضافة القضاء إلى الشيء.

وعلى هذا رجع أحد الاثنين ضمن النصف؛ لأنه بقي من شهادة من بقي نصف الحق، فإن قيل: لا نسلم ذلك وأن الباقي فرد لا يصح لإثبات شيء به ابتداء فكذا بقاء. أجيب بأن البقاء أسهل من الابتداء، فيجوز أن يصلح في البقاء للإثبات ما لا يصلح في الابتداء لذلك كما في النصاب، فإن بعضه لا يصلح في الابتداء لإثبات الوجوب، ويصلح في البقاء بقدره.

م: (وإن شهد بالمال ثلاثة، فرجع أحدهم فلا ضمان عليه) ش: أي على الراجع م: (لأنه بقي من يبقى بشهادته كل الحق) ش: وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية، والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول، وقال أحمد: يغرم ثلث الحق، وبه قال الشافعي في قول آخر، ومالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، م: (وهذا) ش: يعني عدم الضمان على الثالث الذي رجع، وقال الأترازي: وهذا، إشارة إلى قوله: لأنه بقي من يبقى بشهادته كل الحق م: (لأن الاستحقاق) ش: أي المدعي للشهود به م: (باق بالحجة) ش: التامة.

م: (والمتلف متى استحق سقط الضمان) ش: أي عن المتلف بكسر اللام، صورته فيما إذا أتلف إنسان مال زيد فقضى القاضي له على المتلف بالضمان، ثم استحق المتلف عمرو، وأخذ الضمان من المتلف سقط الضمان الثابت لزيد بقضاء القاضي على المتلف م: (فأولى أن يمتنع) ش: أي الضمان من الراجع؛ لأن ابتداء استحقاق التلف يسقط الضمان، فبقاؤه أولى أن يمنع؛ لأن المنع أسهل من الدفع.

م: (فإن رجع آخر) ش: أي من الثلاثة م: (ضمن الراجعان نصف المال؛ لأن ببقاء أحدهم يبقى نصف الحق) ش: هذا أيضا بناء على الأصل المتقدم؛ لأن العبرة لما كان لبقاء من بقي كان الباقي نصف الحق، فإذا بقي نصف الحق كان الثالث بالرجوع نصف الحق لا محالة فيضمنه الراجعان؛ لأن أحدهما ليس أولى من الآخر، فكان ضمان النصف عليهما على السواء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015