وأما الثاني، فالصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط الأولوية، فأما تقليد الجاهل، فصحيح عندنا، خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وهو يقول: إن الأمر بالقضاء يستدعي القدرة عليه، ولا قدرة دون العلم، ولنا أنه يمكنه أن يقضي بفتوى غيره، ومقصود القضاء يحصل به وهو إيصال الحق إلى مستحقيه، وينبغي للمقلد أن يختار من هو الأقدر والأولى؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «من قلد إنسانا عملا وفي رعيته من هو أولى منه، فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأدب القاضي من كتاب " الأجناس "، للفقيه إذا كان فاسقا، هل يجوز أن يستفتى منه فيه كلام بين المشايخ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.
ذكر محمد بن شجاع - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "نوادره " سمعت بشر بن غياث - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول: أرى الحجر على ثلاثة، قاض فاسق، وطبيب جاهل، ومكار مفلس. وقال محمد بن شجاع - رَحِمَهُ اللَّهُ - من قول نفسه: لا بأس بأن يستفتى من الفقيه الفاسق؛ لأنه يكره أن يخطئه الفقهاء، فيجيب بما هو الصواب.
م: (وأما الثاني) ش: أي الشرط الثاني في الولي، وهو شرط الاجتهاد، وقد مر الكلام فيه، ولكن نتكلم في حل المتن م: (فالصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط الأولوية) ش: والمجتهد أحب من غيره م: (فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا، خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وبقوله قال مالك وأحمد - رحمهما الله - م: (وهو) ش: أي الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (يقول: إن الأمر بالقضاء يستعدي القدرة عليه) ش: لأنه مأمور بالقضاء بالحق، ولا أمر بلا قدرة، ولا قدرة بلا علم، وهو معنى قوله م: (ولا قدرة دون العلم) ش: لأن الجاهل يخبط خبط العشو، ولا يميز بين الحق والباطل م: (ولنا أنه) ش: أي أن الجاهل م: (يمكنه أن يقضي بفتوى غيره، ومقصود القضاء يحصل به وهو إيصال الحق إلى مستحقه) ش: وفي بعض النسخ إلى المستحق.
فإن قلت: روى أبو داود عن ابن بريدة عن أبيه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «القضاة ثلاثة، اثنان في النار، وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به، فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به، وجار في الحكم، فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق، فقضى بين الناس على جهل، فهو في النار» . وقيل له: الحديث محمول على الجاهل الذي يعمل بجهله ولا يرجع إلى الغير.
م: (وينبغي للمقلد) ش: بكسر اللام م: (أن يختار من هو الأقدر) ش: على القضاء م: (والأولى) ش: لعلمه ودينه وأمانته، م: (لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: أي لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قلد إنسانا عملا، وفي رعيته من هو أولى منه، فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين» روى الحاكم -