أوجب أربعين درهما، ومنهم من أوجب ما دونها فأوجبنا الأربعين في مسيرة السفر وما دونها فيما دونه، توفيقا وتلفيقا بينهما؛ ولأن إيجاب الجعل أصله حامل على الرد،
ـــــــــــــــــــــــــــــQمحمد بن يزيد عن أيوب عن أبي العلاء عن قتادة وأبي هاشم أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قضى في جعل الآبق أربعين درهماً " ومنهم معاوية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رواه ابن أبي شيبة أيضاً، حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي إسحاق قال: أعطيت الجعل في زمن معاوية - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أربعين درهماً، ومنهم عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن أبي رباح عن عبد الله بن رباح عن أبي عمرو الشيباني - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: أصبت غلماناً أباقاً بالغين، فذكرت ذلك لابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقال: الأجر والغنيمة، قلت: هذا الأجر، فما الغنيمة؟ قال: أربعون درهماً من كل رأس.
ومن الصحابة الذين أوجبوا أقل من أربعين درهماً علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا محمد بن يزيد ويزيد بن هارون عن حجاج عن حصين عن الشعبي عن الحارث عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه جعل في جعل الآبق ديناراً، أو اثني عشر درهماً، وفيه حديث مرفوع مرسل: أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في " مصنفيهما " عن عمرو بن دينار «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى في العبد الآبق يؤخذ خارج الحرم بدينار أو عشرة دراهم» .
م: (فأوجبنا الأربعين في مسيرة السفر وما دونها) ش: أي أوجبنا ما دون الأربعين م: (فيما دونه) ش: أي فيما دون السفر م: (توفيقاً) ش: بين الآثار المذكورة م: (وتلفيقاً بينهما) ش: أي جمعاً بين الروايات المتعارضة، والتلفيق الضم يقال: لفقت الثوب ألفقه وهو أن يضم شفة إلى أخرى كذا في " الصحاح ".
فإن قلت: كان الواجب أن يؤخذ بأقل المقادير تيقنة. قلت: لم يؤخذ بالأقل لإمكان التوفيق بين أقاويلهم وأشار إليه المصنف بقوله: فأوجبنا الأربعين إلى آخره، وعن أحمد: إن رده من المصر فله عشرة دراهم أو دينار، وإن رده من خارج المصر سواء كان مدة السفر أو لا فله أربعون، وقال مالك: له أجر مثله في قدر تعبه وسفره، وتكلف طلبه ممن شأنه وعادته طلب الإباق، وإن لم يكن ممن نصب نفسه كذلك فله نفقته عليه؛ لأنه اختلف فيه الصحابة، فعلم أنه غير مقدر بشيء معين فيجب أجر المثل م: (ولأن إيجاب الجعل أصله حامل على الرد) ش: هذا دليل عقلي لوجوب الجعل، بيانه أن الأصل في إيجاب الجعل هو أنه يحمل على رد الآبق.