لأنه يشبه الأجر، ولا ضرورة إليه، لأن بيت المال معد لنوائب المسلمين. فإذا لم يكن فلا بأس بأن يقوي بعضهم بعضا، لأن فيه دفع الضرر الأعلى بإلحاق الأدنى، يؤيده «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أخذ دروعا من صفوان وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يغزي الأعزب عن ذي الحليلة ويعطي الشاخص فرس القاعد» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيتقوى به الناس للخروج إلى الغزاة يعطيهم الإمام من ذلك المال، لأن بيت المال معد لنوائب المسلمين، ويكره مع وجود ذلك الجعل الذي ذكرناه، لأن فيه شبهة الأجرة، وهو معنى قوله م: (لأنه يشبه الأجر) ش: لأن الجهاد حق الله تعالى، ولا يجوز أخذ الأجرة عليه، فإذا تمحض أجره كان حراماً، وإذا أشبهها كان مكروهاً، وهو إلى الحرام أقرب. م: (ولا ضرورة إليه) ش: أي إلى الجعل م: (لأن بيت المال معد لنوائب المسلمين) ش: والنوائب جمع نائبة، وهي ما ينصب الإنسان أي يترك به من المهمات والحوادث وقد نابه ينوبه نوباً.
م: (فإذا لم يكن) ش: في بيت المال شيء م: (فلا بأس أن يقوي بعضهم بعضا، لأن فيه) ش: أي فيما إذا قوى بعضهم بعضاً م: (دفع الضرر الأعلى) ش: وهو شر الكفرة م: (بإلحاق الأدنى) ش: أي الضرر الأدنى، والمعنى دفع الضرر العام بالنص والخاص مجمل م: (يؤيده) ش: أي يؤيد ذلك م: (أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أخذ دروعاً من صفوان) ش: هذا الحديث رواه أبو داود والنسائي عن شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أبيه صفوان بن أمية أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «استعار منه دروعاً يوم حنين، فقال: أغصبت يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة» .
م: (وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يغزي الأعزب عن ذي الحليلة ويعطي الشاخص فرس القاعد) ش: هذا رواه ابن أبي شيبة وإسناده إلى عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولفظه: كان عمر يغزي العزب ويأخذ فرس المقيم ويعطيه للمسافر، وأخرجه ابن سعد في " الطبقات "، ولفظه كان يغزي الأعزب عن ذي الحليلة ويغزي الفارس عن الفارس القاعد. قوله: غزا من الإغزاء، يقال أغزى الأمير الجيش إذا بعثه إلى العدو، والأعزب الذي لا امرأة له، ووقع في بعض النسخ الأعزب بالألف واللام، ووقع في نسخة شيخنا العزب بدون الألف واللام، وهو الصحيح.
وقال في " المغرب ": رجل عزب بالتحريك لا زوجة له ولا يقال له أعزب وقال ابن الأثير أيضا: يقال: رجل عزب ولا يقال أعزب، وحليلة الرجل امرأته.
والشاخص: اسم فاعل من شخص من مكان على مكان إذا صار في ارتفاع، فإذا صار في حدود فهو حائط، كذا قاله ابن دريد، وشخص الرجل ببصره إذا أحد النظر رافعاً طرفه إلى السماء، ولا يكون الشاخص إلا كذلك، والمراد هنا الأول أعني الذي يذهب إلى العدو.