ولهذا لم يشرع في التعزير بالتهمة قبل ثبوته، كما شرع في الحد؛ لأنه من التعزير.
قال: وأشد الضرب التعزير؛ لأنه جرى التخفيف فيه من حيث العدد فلا يخفف من حيث الوصف، كيلا يؤدي إلى فوات المقصود، ولهذا لم يخفف من حيث التفريق على الأعضاء. قال: ثم حد الزنا لأنه ثابت بالكتاب
ـــــــــــــــــــــــــــــQم: (ولهذا) ش: الإيضاح أن الحبس يصلح للتعزير فيما يجب فيه التعزير م: (لم يشرع) ش: أي الحبس م: (في التعزير بالتهمة) ش: أي بسبب التهمة م: (قبل ثبوته) ش: بأن شهد شاهدان مستوران على أنه قذف محصنا، فقال: يا فاسق أو يا كافر فلا يحسب التهم قبل تعزير الشهود م: (كما شرع) ش: أي الحبس م: (في الحد) ش: بسبب التهمة؛ لأن في باب الحد شيئا آخر فوق الحبس، وهو إقامة الحد عند وجود موجبه، فيجوز أن يحبس في تهمة لتناسب إقامة العقوبة الأدنى بمقابلة الذنب الأدنى. وفي باب الأموال والتعزير لا يحبس بالتهمة لأن الأقصى فيها عقوبة الحبس، فلو حبست بالتهمة فيهما لكان إقامة التوبة الأعلى مقابلة الذنب الأدنى، وهو مما يأباه الشرع م: (لأنه) ش: أي لأن الحبس م: (من التعزير) ش: والتعزير لم يشرع بالتهمة لما ذكرنا.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وأشد الضرب التعزير؛ لأنه جرى التخفيف فيه من حيث العدد، فلا يخفف من حيث الوصف كيلا يؤدي إلى فوات المقصود) ش: هو الزجر. واختلف المشايخ في شدته، قال في " شرح الطحاوي ": وقال بعضهم وهو المجمع في عضو لجمع الأسواط في عضو واحد، ولا يفرق على الأعضاء بخلاف سير الحد.
وقال بعضهم: لا بل شدته في الضرب لا في الجمع. وقال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أشد الضرب ضرب الزاني، ثم حد القذف ثم التعزير. وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - كلها سواء. وقال الحاكم - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في " الكافي " وضرب التعزير أشد من ضرب الزنا، وضرب الزاني أشد من ضرب الشارب، وضرب الشارب أشد من ضرب القاذف، وضرب القاذف أحق من جميع ذلك، ويجوز في سائره، إلا أن في حد القذف فإنه يضرب وعليه ثيابه.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون التخفيف في التعزير من حيث العدد دون الوصف م: (لم يخفف من حيث التفريق على الأعضاء، قال) ش: لأنه جرى النقصان من حيث العدد، فلو جرى التخفيف من حيث التفريق لفات المقصود، وهو الزجر. وذكر في " المبسوط ": ولهذا يجرد ويعزر في إزار واحد. وعند الأئمة الثلاثة حكم ضرب التعزير حكم ضرب الزنا، وذكر في " المحيط " أن محمدا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذكر في حدود الأصل أن التعزير يفرق على الأعضاء، ولا يضرب العضو الذي لا يضرب في الزنا. وذكر في أشربة الأصل يضرب التعزير في موضع واحد.
م: (ثم حد الزنا) ش: أي أشد من ضرب الشارب م: (لأنه ثابت بالكتاب) ش: والسنة، وسببه وهو الزنا من أعظم الذنوب، ولهذا شرع فيه أعظم العقوبات، وهو الرجم.