فالغموس: هو الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه، فهذه اليمين يأثم فيها صاحبها؛ لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من حلف كاذبا أدخله الله النار» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالحديث وأدنى الأمر الندب، وما ينوي فيه البر والحنث في الإباحة فنحى بينهما، وحفظهما أولى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89] المائدة الآية 89، وحفظ اليمين بعد وجوبها بالبر، ومتى حنث في اليمين المنعقدة فعليه الكفارة بالنص وإجماع الأمة.
" والغموس " على وزن فعول للمبالغة، سميت به لأنها تغمس صاحبها في النار، وقيل لأنها تغمس صاحبها في الإثم لأنه تعمد فيها الكذب.
م: (فالغموس: هو الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه) . ش: على إثبات شيء أو نفيه، وسواء كان ماضياً أو حالاً، نظير الماضي قول الرجل والله ما فعلت ذلك الأمر، هو عالم بأنه قوله.
ونظير الحال قوله والله إنه زيد مع علمه إنه عمرو، وما أشبهه. وقول المصنف - على أمر ماض - وهو عبارة القدوري، فلذلك اقتصر المصنف عليه، ويشير قوله - على أمر ماض - قيدوا لها الماضي والحال، سواء لأن الغموس لا يتحقق في الحال أيضاً، ولكنه اقتصر على الماضي بناء على الغالب، لأن الماضي شرط، ولهذا صرح صاحب " التحفة " وغيره: أن الغموس يتحقق في الحال أيضا. وفي " شرح الكافي ": اليمين الغموس ليست يمين في الحقيقة، لأن اليمين عقد مشروع، وهذه كبيرة محضة، وهي ضد المشروع، ولكن سمي يميناً مجازاً لارتكاب هذه الكبيرة باستعمال صورة اليمين، وفي البخاري عن عبد الله بن عروة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس» .
م: (فهذه اليمين يأثم فيها صاحبها لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) . ش: أي لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م: «من حلف كاذباً أدخله الله النار» . ش: هذا الحديث غريب بهذا اللفظ، ولكن ورد في صحيح ابن حبان من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقطع بها مال امرء مسلم، حرم الله عليه الجنة، وأدخله النار» وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «لقي الله وهو عليه غضبان» ، وفي سنن أبي داود من حديث عمران بن حصين قال: قال رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ مقعده من النار» ، وقال الأترازي: ألزم بها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وقيل لها مصبورة وإن كان صاحبها هو المصبور لأنه إنما صبر من أجلها أي حبس ووصف بالصبر وأضيف إليه مجازاً.