وهو حجة على مالك _ - رَحِمَهُ اللَّهُ - _ في اشتراط الإعلان دون الشهادة. ولا بد من اعتبار الحرية فيهما؛ لأن العبد لا شهادة له لعدم الولاية، ولا بد من اعتبار العقل والبلوغ، لأنه لا ولاية
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» .
قال: ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر، وقال الأكمل: واعترض بأنه خبر واحد فلا يجوز تخصيص قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] (النساء: الآية 3) ، وغيره من الآيات وأجاب الإمام فخر الإسلام بأن هذا حديث مشهور تلقته الأمة بالقبول فيجوز الزيادة على كتاب الله.
قلت: هذا فيه نظر لا يخفى م: (وهو) ش: أي الحديث المشهور م: (حجة على مالك في اشتراط الإعلان دون الإشهاد) ش: هذا الحديث لم يثبت بهذا اللفظ، فكيف يكون حجة على مالك. نعم حديث عائشة المذكور حجة عليه.
واحتج مالك بما رواه الترمذي: حدثنا أحمد بن منيع عن يزيد بن هارون عن عيسى بن ميمون عن القاسم عن عائشة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالغربال» وقال: حسن غريب وعيسى بن ميمون ضعيف في الحديث، وإن سلمنا صحة هذا الحديث فنقول: الإعلان يحصل بحضور الشاهدين، ولو شرط كتمان العقد مع حضور شاهدين صح العقد عندنا، وبه قال الشافعي، والخطابي وابن المنذر والظاهرية. وقال مالك: يفرق بينهما.
م: (ولا بد من اعتبار الحرية فيهما) ش: أي في الشاهدين م: (لأن العبد لا شهادة له لعدم الولاية) ش: والشهادة من باب الولاية.
واعترض بأن الولاية عبارة عن نفاذ القول على الغير شرعا لو أبى، وذلك إنما يحتاج عند الأداء، وكلامنا في حالة الانعقاد، فكما ينعقد بشهادة المحدودين في القذف ينعقد بشهادة العبدين؛ إذ الولاية لا مدخل في هذا الحال.
وأجيب: بأن الأداء يحتاج إلى ولاية متعدية وليست بمراد هنا، وإنما المراد بها الولاية القاصرة تعظيما لأمر النكاح، كاشتراط أصل الشهادة.