كتاب الحج الحج واجب على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزاد والراحلة فاضلا عن المسكن، وما لا بد منه، وعن نفقة عياله إلى حين عوده، وكان الطريق آمنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كتاب الحج] [حكم الحج]
م: (كتاب الحج) ش: أي هذه كتاب في بيان أحكام الحج، وإنما ذكره آخراً رعاية للترتيب بين العبادات الأربعة، أما الصلاة فإنها عماد الدين، وهي عبادة متكررة فذكرت أولاً وأما الزكاة فلأنها تالية للصلاة، أما الصوم فلأنه عبادة بدنية خاصة كالصلاة، وأما الحج فلأنه عبادة مركبة من البدن والمال، وأخر عن الصوم، لأن الفرد قبل المركب، ولأن الصوم يتكرر دون الحج، والاحتياج إليه أكثر، وذكر الأترازي ها هنا ما ذكره الناس، ثم قال: هذا ما أملاه خاطري في وجه المناسبة في هذا المقام، ونسبة الشخص شيئاً لنفسه مع كونه مسبوقاً به لا يحتج به، والحج في اللغة: القصد بفتح الحاء وكسرها.
وفي الشريعة: عبارة عن قصد مخصوص إلى مكان مخصوص على وجه التعظيم في أوان مخصوص، وذكر بعض العلماء كتاب المناسك عوض الحج؛ منهم الطحاوي والكرخي وصاحب " الإيضاح "، والمناسك جمع منسك بفتح السين بمعنى النسك، وهو كل ما يتقرب به إلى الله تعالى لكنه اختص في العرف بأفعال الحج والعمرة، والحج من الشرائع القديمة.
وروي أن آدم - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لما حج تلقته الملائكة، وقالت: بر حجك فإننا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام.
وقال تعالى لإبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] الآية م: (الحج: الآية: 27) .
وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كانت الأنبياء، - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يحجون مشاة حفاة، وإبراهيم وإسماعيل - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حجا ماشيين، وعنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كان النبي من الأنبياء إذا هلك قومه لحق مكة يعبد الله تعالى حتى يموت» ، وكذا من معه فمات فيها نوح وهود وصالح وشعيب - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وقبورهم بين زمزم والحجر، ونوح - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حج قبل الطوفان أيضاً، وكل نبي، بعد إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قد حج.
قال م: (الحج واجب على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزاد والراحلة فاضلا عن المسكن، وما لا بد منه، وعن نفقة عياله إلى حين عوده، وكان الطريق آمنا) ش: هذا كله عبارة القدوري بعينها ذكرها المصنف ثم شرحها كلمة كلمة، وذكر الشراح كلهم أن المصنف ذكرها بلفظ الجمع، فقال: على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء، وذكر في الزكاة بلفظ الواحد، فقال: الزكاة واجبة على الحر العاقل المسلم، ثم أجابوا عن ذلك بناء على عادات الناس أنهم