فإن جامع ليلا، أو نهارا عامدا، أو ناسيا بطل اعتكافه لأن الليل محل الاعتكاف بخلاف الصوم، وحالة العاكفين مذكرة فلا يعذر بالنسيان. ولو جامع فيما دون الفرج فأنزل، أو قبل، أو لمس فأنزل بطل اعتكافه؛ لأنه في معنى الجماع حتى يفسد به الصوم
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنما ثبت لفوات الركن ضرورة وجوب الكف، فلم تتعد الحرمة إلى دواعيه إلا إذا خاف الوقوع في الجماع، وفي " الأم " اعتكاف الركن هو اللبث لا الكف عن الجماع فكان الجماع من محظورات اللبث، بدليل أن الحرمة تثبت النهي.
بقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] [البقرة: 187] ، وموجب النهي الحرمة أي دواعيه لأنه من توابع المحظورات كما في الإحرام. م: (فإن جامع) ش: أي المعتكف م: (ليلا، أو نهارا) ش: أي في الليل أو النهار حالة كونه م: (عامدا) ش: أي قاصداً م: (أو ناسيا) ش: أي أو جامع حال كونه ناسياً م: (بطل اعتكافه) ش: وبه قال مالك وأحمد، وسواء فيه أنزل أو لم ينزل. وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذا جامع ناسياً لا يبطل اعتكافه، روى ابن سماعة عن أصحابنا مثله.
م: (لأن الليل محل الاعتكاف بخلاف الصوم) ش: أراد بهذا بيان أن كل ما كان من محظورات الاعتكاف لا يختلف فيه حكم السهو والعمد، والليل والنهار، ولهذا إذا جامع يفسد اعتكافه سواء جامع ليلاً أو نهاراً أو ناسيا، ولكل ما كان من محظورات الصوم مختلف فيه حكم السهو والعمد، والليل والنهار، ولهذا إذا أكل أو شرب ليلاً عامدا أو ناسيا لا يضره، ولو أكل في النهار ناسيا لا يضره، وكذا لو جامع في النهار ناسيا لا يفسد صومه، وإن أفسد الاعتكاف، ولو أكل في النهار عامدا يفسد الاعتكاف بفساد صومه.
م: (وحالة العاكفين مذكرة فلا يعذر بالنسيان) ش: أشار بهذا الكلام إلى الفرق بين الصوم والاعتكاف، وهو أن المعتكف اقترن به ما يذكره وهو حالة العكوف فلا ينسى بالنسيان عادة، ولا يعذر بالنسيان، والصائم لم تقترن به حالة تذكره فيعذر بالنسيان، وهو أيضاً جواب عن سؤال مقدر، يقال: الاعتكاف فرع على الصوم، والفرع ملحق بالأصل في حكمه فلو جامع ناسياً في رمضان لم يفسد الصوم، فكيف يفسد الاعتكاف، فأجاب بقوله: وحالة العاكفين مذكرة.
م: (ولو جامع) ش: أي المعتكف م: (فيما دون الفرج) ش: مثل البطن والفخذ م: (فأنزل، أو قبل، أو لمس فأنزل بطل اعتكافه؛ لأنه في معنى الجماع حتى يفسد به الصوم) ش: لأنه إنزال بمباشرة فصار كالإنزال بالوطء من حيث قضاء الشهوة، وللشافعي فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه لا يفسد اعتكافه وإن أنزل، كما لا يفسد الإحرام بها وإن أنزل، فإنهما متقاربان في المعنى؛ لأن كل واحد منهما يدوم الليل، والنهار.