القول الرابع: إنَّ إبتداء اللغة وقع بالاصطلاح والتتمة من الله وبه قال الأستاذ الإسفرائيني (?)، و قيل إنه قال بالذي قبله.
القول الخامس: إن نفس الألفاظ دلتّ على معانيها بذاتها، وهو مذهب عباد بن سليمان الصيمري، واحتجَّ بأنه لولا الدّلالة الذاتية لكان وضعُ لفظ من بين الألفاظ بآزاء معنىً من بين المعاني ترجيحاً بلا مُرَجِّح، وهو محال.
وجوابه: إنّ الواضع إن كان هو الله فتخصيصه الألفاظ بالمعاني كتخصيص العالم بالإيجاد في وقت من بين سائر الأوقات، وإن كان هو الناس فلعلَّة لتعيّن الخطران بالبال؛ ودليلُ فساده إن اللفظ (11/ ... ) لو دلَّ بالذات لَفهِم كل واحد كلَّ اللغات، لعدم إختلاف الدلالات الذاتية واللازم باطل فالملزوم كذلك (?).
القول السادس: انه يجوز كل واحد من هذه الأقوال من غير جزم بأحدها، وبه قال الجمهور، كما حكى الرازي في المحصول (?)، وتبعه تاج الدين الأرموي في الحاصل (?)، وسراج الدين الأرموي في التحصيل (?)، وإليه ذهب المحققون من أهل الأصول واللغات وعلم الألسن، واحتجوا بان هذه الأدلة التي استدل بها القائلون لا يفيد شيء منها القطع بل لم ينهض شيء منها لمطلق الأدلة، فوجب عند ذلك الوقف لأن ما عداه هو من التقول على الله بما لم يقل، وإنه باطل، قال الشوكاني: وهذا هو الحق.
قال السيوطي: ودليل إمكان التوقف احتمال خَلْق الله تعالى الألفاظ وَوَضْعها بأزاء المعاني، ودليل إمكان الاصطلاح أن يتولّى واحد أو جمعٌ وضعَ الألفاظ لمعان، ثم يُفْهموها لغيرهم بالإشارة، كحال الوالدات مع أطفالهن، وهذان الدليلان هما دليلا إمكان التوزيع ... انتهى.