الحمد لله الذي تفتتح بحمده كل رسالة ومقالة، والصلاة على محمد المصطفى صاحب النبوة والرسالة، وعلى آله وأصحابه الهادين من الضلالة.
وبعد، فاللغة العربية لا تنفك تؤلف الكتب اللغوية الكثيرة والعديدة فيها؛ لتحمي نفسها من نسيان الأيام وتغيير اللسان، حتى أضحت كنزاً كبيراً يصوغه علماء الشرق كيفما أرادوا، يحرسونها من الضياع والفقدان في كل البلدان فألفوا فيها قديماً وحديثاً، فأصبحت أجمل حديثٍ يتناقله الباحثون والدارسون.
ومن بين الكتب، كتابٌ أردت دراسته وتحقيقه لأنه أحد تواليف فقه اللغة، وهو
(البُلغة الى أصول اللغة) لمحمد صديق حسن خان بهادر القَنُّوجي البخاري الهندي، وهو من علماء القرن الثالث عشر للهجرة ملك مملكة بهويال الهندية.
والذي دعاني الى تحقيقه كونه من مؤلفات فقه اللغة التي تعد قليلة قياساً بالنحو والصرف، وقيمة الكتاب التي امتازت بالتنوع، والشمول، والإيجاز.
ومنهجي في هذا البحث يعتمد على دراسة وصفية وتحليلة ثم تحقيق ما خَلّفه محمد صديق حسن خان.
اشتملت الدراسة على مبحثين، تناولت في المبحث الأول: سِيرة محمد صديق حسن خان، حيث تكلمت فيه على: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه وشيوخه، وتلاميذه، وأسرته، وعلمه، ومكانته وقدرته العلمية، وصفاته وأقوال العلماء فيه.
وأحصيت مؤلفاته التي غصت بها كتب التراجم المختلفة، واعتمدت في ترجمة حياته على ما ذكره عن نفسه، فهو من أولئك الذين ترجموا لأنفسهم.
وتكلمت في المبحث الثاني:
أولاً: على منهجه العام في مؤلفاته.
ثانياً: على منهجه في الباب الأول، ويتضمن خطبة الكتاب، ومنهجه في المقدمة، ووصف عام للباب الأول، وما أرآده لكتابه، وما نقله وما خالف فيه السيوطي، ومناقشة آرائه.
ثالثاً: على منهجه في الباب الثاني: وتضمن مصادر حظيت بالإهتمام ومصادر لم يذكرها المؤلف، والمصادر الجديدة، ومن ثم أهمية الكتاب ونسختي البُلغة، ومنهج التحقيق، والخاتمة.
اشتمل الكتاب الذي حققته على بابين، الأول: في موضوعات فقه اللغة، والآخر: في ذكر عددٍ من المصادر اللغوية، وخاتمة الكتاب التي جاءت في اعجاز القرآن.
واعتمدت على مصادر كثيرة، منها: الصاحبي في فقه اللغة، والخصائص، والمزهر، وكشف الظنون، وإيضاح المكنون، فضلاً عن مصادر أخرى، وفي موضوعات متنوعة بعيداً عن اللغة العربية كأمثال مصادر أصول الفقه وغيرها، مما أعطى الموضوع صعوبة ناتجة عن اتساعه وضخامته.