دمشق وأهله معه، فلمّا غلب على الأمر وصار إليه السلطان «1» جعل منزله وداره دمشق التي بها كان سلطانه، وأنصاره، وشيعته.
ثم نزل بها ملوك بني أمية بعد معاوية لأنهم بها نشأوا لا يعرفون غيرها، ولا يميل إليهم إلا أهلها، فلمّا أفضت الخلافة إلى بني عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ولد العباس بن عبد المطلب «2» عرفوا بحسن تمييزهم، وصحة عقولهم، وكمال آرائهم فضل العراق، وجلالتها، وسعتها، ووسطها للدنيا، وأنها ليست كالشام الوبيئة الهواء، الضيقة المنازل، الحزنة الأرض، المتصلة الطواعين، الجافية الأهل.
ولا كمصر المتغيرة الهواء، الكثيرة الوباء، التي إنّما هي بين بحر رطب عفن «3» كثير البخارات الرديئة التي تولد الأدواء وتفسد الغذاء، وبين الجبل اليابس «4» الصلد الذي ليبسه، وملوحته، وفساده لا ينبت فيه خضر ولا ينفجر منه عين ماء.
ولا كأفريقية «5» البعيدة عن جزيرة الإسلام وعن بيت الله الحرام، الجافية الأهل، الكثيرة العدو.