بعفوك يستكين ويستجير ... عظيم الذّنب مسكين فقير

رجاك لعفو ما كسبت يداه ... وأنت على الّذي يرجو قدير

فقال الربيع: أسألك بحقّ من ترجوه لما تريد إلّا رددت ما تقول، فجعل يردّده، فقال الربيع: زدني يرحمك الله فقال:

فقد علم الإله بما ألاقي ... من الحبّ الّذي ستر الضمير

فقال الربيع: وا سوأتاه من استماعي دعاء لغير الله جلّ وعزّ.

ومر سفيان الثّوريّ برجل يبكي ويقول:

أتوب إلى الّذي أمسى وأضحى ... وقلبي يتّقيه ويرتجيه

تشاغل كلّ مخلوق بشيء ... وشغلي في محبّته وفيه

قال له سفيان: يا هذا لا تقنط كلّ هذا القنوط، ولا تيأس من الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده، وذنبك بين المقصّر والغالي، فإن كنت قد أسلفت ذنوبا فإنك من الإسلام لعلى خير كثير، استغفر الله وتب إليه، وأقلل من هذا البكاء، عصمنا الله وإيّاك، فنعم ما شغلت به نفسك، فقال الرجل:

عسى قلب الممكّن من فؤادي ... يرقّ لترك طاعة عاذليه

فقال سفيان: اللهمّ أعذنا من الحور بعد الكور: ولا تضلّنا بعد إذ هديتنا، أعزب عزب الله بك.

وقال إبراهيم بن الفرج: مرّ خليل الناسك بغرفة مخلّد الموصليّ الشاعر وهو لا يعرفه فسمعه يقول:

أسأت ولم أحسن وجئتك هاربا ... وأنّى لعبد غير مولاه مهرب

فوقف الخليل ومخلّد يردّد البيت ويبكي، والخليل يبكي معه، ثم ناداه: يا قائل الخير عد، يا سائل الفضل زد، فقال مخلّد: نعم وكرامة يا أبا محمّد:

غزال إذا قبّلته ولثمته ... رشفت له ريقا من الشّهد أطيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015