الغربة والوحشة والوحدة؟ فقال: بذلك أمرت ولكني سأعلمكم اسما من أسماء الله تعالى لتستنصروا به على أعدائكم وتستنزلوا «1» به الغيث إذا أجدبتم. فعلّمهم إياه وخرجوا سائرين حتى نزلوا موضع خراسان فتناسلوا هناك وقهروا بذلك الاسم جميع من ناوأهم. فاتصل خبرهم بالخزر- وهم من ولد يافث بن نوح- فصاروا إليهم وحالفوهم وتزوجوا إليهم وأقام بعضهم عندهم وانصرف الباقون إلى بلدهم [170 أ] .
وحدث أبو العباس عيسى بن محمد بن عيسى المروزي «2» فقال: لم نزل نسمع في الثغور الخراسانية التي من وراء النهر وغيرها من الكور الموازية لبلاد الترك الكفرة الغزية والتغزغزية والخرلخية وفيهم المملكة ولهم في أنفسهم شأن عظيم ونكاية في الأعداء شديدة، ان من الترك من يستمطر في أسفاره وغيرها فيمطر ويحدث ما يشاء من مطر وبرد وثلج ونحو ذلك. فكنا بين منكر ومصدق حتى رأيت داود بن منصور بن أبي علي الباذغيسي- وكان رجلا صالحا قد تولى خراسان فحمد أمره- وقد خلا بابن ملك الترك الغزية وكان يقال له بالقيق بن حيّويه فقال له: يبلغنا عن الترك أنهم يجلبون المطر والبرد والثلج متى شاءوا فما عندك في ذلك؟ فقال: الترك أذلّ وأحقر عند الله من أن يستطيعوا هذا الأمر.
والذي بلغك فهو حق ولكن له خبر أحدثك به. كان بعض أجدادي راغم أباه.-
وكان الملك في ذلك العصر- وشذّ عنه واتخذ لنفسه أصحابا من مواليه وغلمانه وغيرهم ممن يحب الصعلكة ومضى سائرا في شرق البلاد يغير على الناس ويصيد ما يظهر له ولأصحابه. فانتهى به المسير إلى بلد ذكر أهله أنه لا منفذ لأحد وراء جبل لهم. فقال لهم: وكيف ذلك؟ قالوا: لأن الشمس تطلع من وراء هذا الجبل وهي قريبة من الأرض جدا فلا تقع على شيء إلّا أحرقته. قال: أفليس هناك ساكن ولا وحش؟ قالوا: بلى. قال: فكيف يتهيأ لهم المقام على ما ذكرتم؟ قالوا: أما الناس فلهم أسراب تحت الأرض وغيران في الجبال، فإذا طلعت الشمس بادروا