على دابة. فصعد تلّا وحول التل غيضة. فلما طلعت الشمس أمر واحدا من أولئك العشرة أن ينشر لواءه ويلح «1» به. ففعل. فوافى عشرة آلاف مدجّج. فقال للترجمان: قل لهذا الرسول يعلم صاحبه أن ليس في هؤلاء حجام ولا إسكاف ولا خياط. فإذا أسلموا من أين يأكلون؟
وآخر خراسان من ناحية الشاش، نوشجان الأعلى. فمن نوشجان إلى مدينة خاقان ملك التغزغز مسيرة ثلاثة أشهر في قرى كبار وخصب وأسواق. وأهلها أتراك وفيهم مجوس يعبدون النار. وفيهم زنادقة على مذهب ماني. والملك في مدينة عظيمة كثيرة الأهل والأسواق ولها ثلاثة [167 ب] عشر بابا حديدا. وعن يسارها كيماك وأمامها الصين على ثلاثمائة فرسخ.
فأمّا ملك كيماك وأصحابه فبادية يتبعون مساقط القطر ويحلون ويرتحلون في طلب الكلأ.
وقال علي بن ربن كاتب المازيار: أحصن مدينة بنيت على وجه الأرض، أن ملكا من ملوك الترك أتى سبخة ومستنقع ماء عادي أجاجي في طرف من أطراف سلطانه، فصرف الماء عنه ثم حفر أساسا عرضه أربعون ذراعا. ثم أمر فرفع من قرار الحفر سوران بالآجر والكلس، عرض كل سور عشرة أذرع وبينهما فضاء عرضه عشرون ذراعا.
فلما انتهى بالسورين إلى وجه الأرض، طمّ الفضاء الذي بينهما بالرمل، وأقبل بينهما فكلما ارتفعا جعل الرمل في وسطهما حتى جعلهما خمسين ذراعا. ثم بنى في المدينة له ولرعيته من المنازل والقصور وحفر حولها خندقا ثم جرف إليها الماء. فلم تلبث أن عادت بعد سنة أجمة عظيمة من أعظم الآجام، وأودعها أهله ونفيس أمواله فصارت أمنع مدينة بنيت على قلل الجبال أو في قرار الأرض.
وإن ملكا من ملوك الترك رامها- والترك أغلب الأمم وأشد احتيالا على نقب المدن والحصون من المواضع البعيدة- فسار إليها ونزل على فراسخ منها، وأمر