ولمّا عمل بليناس هذه الطلسمات بهمذان استهان به أهلها ولم يلتفتوا إليه فاتخذ على جبلهم الذي يقال له أروند طلسما مشرفا على المدينة للجفاء والغلظ فهم أجفى الناس وأغلظهم طبعا. وعمل آخر للغدر، فهم أغدر الناس. ولذلك حوّلت الملوك الخزائن عنها خوفا من غدر أهلها.
واتخذ طلسما آخر للحروب والعساكر لتكثر بها فليست تخلو من عسكر أو حرب.
قال: وأنشدني محمد بن أحمد المعروف بابن الحاجب لنفسه في الأسد الذي على باب همذان:
ألا أيها الليث الطويل مقامه ... على نوب الأيام والحدثان
أقمت فما تنوي البراح بحيلة ... كأنّك بوّاب على همذان
أطالب ذحل أنت من عند أهلها ... أبن لي بحق واقع ببيان
أراك على الأيام تزداد جدّة ... كأنّك منها آخذ بأمان
[125 أ]
أقبلك كان الدهر أم كنت قبله ... فنعلم، أم ربيّتما بلبان؟
وهل أنتما ضدّان كل تفرّدت ... به نسبة أم أنتما أخوان؟
بقيت فما تفنى وأفنيت عالما ... سطا بهم موت بكلّ مكان
فلو كنت ذا نطق جلست محدّثا ... 2/69 فحدثتنا عن أهل كلّ زمان
ولو كنت ذا روح تطالب مأكلا ... لأفنيت أكلا سائر الحيوان
أجنّبت شرّ الموت أم أنت منظر ... وإبليس حتى يبعث الثقلان؟
فلا هرما تخشى ولا الموت تتّقي ... بمضرب سيف أو شباة سنان
وعما قليل سوف تلحق من مضى ... وجسمك أبقى من حرا وأبان