وفي المدينة السابعة شجرة من نحاس ضخمة كثيرة الغصون لا تظل ساقها.
فإذا جلس تحتها واحد أظلّته إلى ألف نفس، فإنها تظلهم كلهم. فإذا زادوا على ألف صاروا كلهم في الشمس.
وقال يزيد بن عمر الفارسي: كانت ملوك الفرس تعد السواد اثني عشر استانا وتحسبه ستين طسوجا وتفسير الاستان إجارة وترجمة الطسوج: ناحية. وكان الملك من ملوكهم إذا عني بحيّز من الأرض عبره وسماه باسمه.
وكانوا ينزلون [78 ب] السواد لما جمع الله في أرضه من مرافق الخيرات وما يوجد فيها من غضارة العيش وخصب المحل وطيب المستقر، ولما ينصب إليها من مواد الأطراف ومنافعها وسعة ميرها من أطعمتها وأدواتها وأمتعتها وعطرها ولطيف صناعاتها. وكانوا يشبّهون السواد بالقلب وسائر الدنيا بالبدن، ولذلك سموه: دل إيرانشهر، أي قلب إيرانشهر. وإيرانشهر: الإقليم المتوسط لجميع الأقاليم. وإنما سموه بذلك لأن الآراء تتشعب عن أهله بصحة الفكر والروية كما تتشعب من القلب بدقائق العلوم ولطائف الآداب والأحكام الكتابية.
فأمّا ما حولها من البلاد فأهلها يستعملون أطرافهم بالمباشرة والعلاج. وخصب بلاد إيرانشهر بسهولة. لا عوائق فيها ولا شواهق تشينها ولا مفاوز موحشة ولا براري منقطعة عن تواصل العمارة والأنهار المطردة في رساتيقها وبين قراها. مع قلة جبالها وآكامها وتكاثف عمارتها وكثرة أصناف غلاتها وثمارها. والتفاف أشجارها وعذوبة مائها وصفو هوائها وطيب تربتها مع اعتدال طينتها وتوسط مزاجها وكثرة أجناس الصيد في ظلال شجرها وبين عشبها، وخلال زهرتها. من طائر [بجناح] وماش على ظلف وسابح في البحر. امنه مما ينال البلدان من غارات الأعداء وبوائق المخالفين. مع ما خصت به من الرافدين دجلة والفرات. إذ هما مادان لا ينقطعان شتاء ولا صيفا على بعد منابعهما ونزوح مبتدأهما. [فإنه] «1» لا ينتفع منهما بكثير عمارة حتى يدخلاها فيسيح ماؤهما في جنباتها وينبطح بين