لركوعه وسجوده وقيامه وقعوده. فيكون قدر ما يحتاج إليه الغاية القصوى الذين قلنا انهم ألف ألف وخمسمائة ألف إنسان من الذرع لما فرضنا ثلاثة آلاف إنسان.
وذلك خمس العدد الذي يذكرون.
وهكذا لو عملنا حساب ستمائة ألف إنسان ما كان أيضا إلّا خارجا عن صورة القياس جميعا. أفحسبت أيها الواثق بما غاب عنه من حكمة الله والمقرّ بالخفيّ عليه من قدرة الله، ان القياس أن يسع المسجد الحرام من هم أوسع من أضعافه أضعافا مضاعفة وهو برأي العين ما وسعوه قط. قد اطردت الآن وجوه الكلام بأن الله عزّ وجلّ بلطف لخلقه من لا يحتسبون ويصنع لهم من حيث لا يشعرون. ووصلنا من القول إن الله بقدرته يبسط للناس المسجد الجامع بمدينة السلام ليسع من لا يسعهم في رأي العين أضعافه ذرعا ومساحة.
وإذا أمكن أن يقول إن الله عزّ وجلّ يبسط بالزيادة على قدر المساحة ذراعا واحدا، جاز أن يقول باعا. وإذا جاز أن يقول باعا واحدا جاز أن يقول [61 ب] فرسخا واحدا. وإذا جاز ذلك القول بفراسخ كثيرة. إلّا أن الله عزّ وجلّ لم يعطنا القدرة على علم ذلك ومعاينة مثله.
وإذا تتابعت الآيات وتناسبت العلامات وتمكنت الدلالات، رجونا بها زوال الشبهات واستقبال الحقائق الممكنات.
ونقول إنه بالواجب، متى استجاز أرباب المدائن المشهورة التي ذكرناها، والبقاع العظام التي أشرنا إليها، وأحصيناها بمدينة السلام حتى يحلّوا بها ويستوطنوا فيها، أن يضعف عدد المساكن بها وتتضاعف المنازل في حواشيها وأوساطها للعالم الوارد والداهم الوافد. وقد قلنا إن من الممكن القريب أن يكونوا في عددهم ضعفا لمن ببغداد من أهلها قياسا صحيحا وحكما لازما، كما قد قلنا بما رتبناه ونزلنا القول فيه وقرأناه، أن عدد المنازل ببغداد اثنا عشر ألف ألف منزل، وجدنا العيان قد أوجدنا أن منزلا منها لا يكاد يخلو من مصباح ينير فيه ليلا يتقد بدهن البزر. ثم لا يعسر علينا أن نقول: إن في هذه المنازل ما يوقد فيه أمنان عراقية وأرطال من دهن البزر إلى ما هو دون ذلك القدر من الدهن. فإذا ضربنا