الأمين وحمل رأسه إلى خراسان، فهو في قهندز [58 أ] سمرقند. وتوفي المأمون بالبدندون ودفن بطرسوس. وتوفي المعتصم بسرمرى. وقتل المتوكل بسرمرى.
وقد أقام بمدينة السلام ثلاثة من الخلفاء عمر كل واحد منهم نيفا وعشرين سنة، وهم المنصور والرشيد والمأمون. ولم يمت بها منهم أحد.
وقد قيل إن نوبخت اختار لبنائها وقتا طالعه القوس وصاحبه المشتري.
وذكر بطليموس في برج المدينة إليه طالع الوقت، أول البرج الذي فيه القمر في الوقت. قال: وإن جهل ذلك من أمر المدينة، فمعرفة ذلك من طالع الملك الذي ابتناها. والحق أن يكون طالع مدينة السلام وطالع منشئها واحد، وذلك لسعادتهما واتفاق جميل الوصف لهما وفيهما.
وأنشد لدعبل يمدح بغداد ويذم سرمرى:
بغداد دار الملوك كانت ... حتى دهاها الذي دهاها
ما غاب عنها سرور ملك ... أعاره بلدة سواها
ما سرّ مرّى بسرّ مرّى ... بل هي بؤس لمن رآها
عجّل ربّي لها خرابا ... برغم أنف الذي بناها
شعر:
يا دار أقوت وخفّ عامرها ... أيّام تصطادنا جآذرها
أيام نحن بجيرة خلط ... ينام قبل العشاء سامرها
إذ هي مثل العروس باطنها ... دلّ يصيد الهوى وظاهرها
جنة دنيا ودار مغبطة ... قلّ من النائبات واترها
كدرّة البحر ضمّها صدف ... غالى بأغلى البلاد تاجرها
درّت خلوف ألبانها لساكنها ... وقلّ معسرها وعاسرها
وافترشت بالنعيم وانتفجت ... لهم بلذاتها خواصرها
فالقوم في روضة أنف ... أشرف غبّ القطار زاهرها