قالوا: وبالكوفة الحيرة البيضاء، وكانت الملوك تنزلها قبل أن بنيت الكوفة لطيب هوائها وفضلها على سائر المواضع، وإنما سمّيت الحيرة لأن تبّعا لمّا سار إلى موضع الحيرة. أخطأ الطريق وتحيّر هو وأصحابه فسمّيت الحيرة وأوّل من نزل من العرب الحيرة جذيمة الأبرش، ويقال: بل أوّل ملوكها مالك بن فهم بن غنم بن دوس من الأزد. وقال ابن عيينة: سمعت ابن شبرمة يقول: يوم وليلة بالحيرة خير من دواء سنة، وكان ابن كناسة ينشد:
فإنّ بها لو تعلمين أصائلا ... وليلا رقيقا مثل حاشية البرد
قال: وكان أوّل من ملك منهم في زمن ملوك الطوائف مالك بن فهم، وكان منزله فيما يلي الأنبار، ثم مات فملك أخوه جذيمة الأبرش، وكان من أفضل ملوك العرب رأيا، وأبعدهم مغارا، وأشدّهم نكاية، وأظهرهم حزما، وصار الملك من بعده في ابن أخته عمرو بن عديّ، وهو أوّل من اتّخذ الحيرة منزلا من ملوك العراق، وهم ملوك آل نصر: إليه ينسبون ثم غلب على الأمر أردشير بن بابك في أهل فارس.
قالوا: وسوق يوسف بالحيرة نسب إلى يوسف بن عمرو بن محمّد بن الحكم بن عقيل الثقفيّ ابن عمّ الحجّاج بن يوسف وحمّام أعين نسب إلى أعين مولى سعد بن أبي وقّاص.
وشهار سوج «1» معناه شهار طاق بجلة بالكوفة نسب إلى قبيلة بجلة، وهم ولد مالك بن ثعلبة وبجلة أمّهم وغالبتهم على نسبهم، ونسبوا إليها وغلط الناس فقالوا بجيلة.
وجبّانة عرزم منسوبة إلى رجل كان يلبّن فيها، ولبنها رديّ فيه قصب وخرق، فربّما أصابها شظيّة من نار فاحترقت الحيطان.