حمل إليه حساب نفقات مسجد دمشق على ثمانية عشر بعيرا أمر بإحراقها.
قال في كتاب (المسالك والممالك) «1» : أنفق على مسجد دمشق خراج الدنيا ثلاث مرّات، وبلغ ثمن البقل الذي أكله الصنّاع في مدّة أيّام العمل ستّة آلاف دينار، وهذا المسجد مقعد عشرين ألف رجل، وأن فيه ستّمائة سلسلة ذهب للقناديل.
قال زيد بن واقد: وكّلني الوليد على العمّال بمسجد دمشق فوجدنا فيه مغارة فعرّفنا الوليد ذاك، فنزل في الليل فإذا هي كنيسة لطيفة، ثلاثة أذرع في مثلها، وإذا فيها صندوق، وفيه سفط مكتوب عليه هذا رأس يحيى بن زكريّاء، فرأيناه فأمر به الوليد أن يجعل تحت عمود معيّن، فجعل تحت العمود المسقّط الرابع الشرقيّ ويعرف بعمود السكاسك، وقال أبو مهران رأس يحيى بن زكريّاء تحت عمود السكاسك، وقال زيد أيضا: رأيت رأس يحيى بن زكريّاء حين وضع تحت العمود والبشرة والشعرة لم تتغيّر.
قالوا: فمن عجائب مسجد دمشق أن لو بقي الرجل فيها مائة سنة لكان يرى فيها في كلّ وقت أعجوبة لم يرها قبل.
وقال كعب: ليبنينّ في دمشق مسجد يبقي بعد خراب الأرض أربعين عاما والمئذنة التي بدمشق كانت ناطمرا للروم في كنيسة يحيى، فلمّا هدم الوليد الكنائس وأدخلها المسجد تركت على حالها، وهدم الوليد عشر كنائس واتّخذها مسجدا، ولمّا ولّي عمر بن عبد العزيز الخلافة قال: إني أرى في مسجد دمشق أموالا أنفقت في غير حقّها، فأنا مستدرك ما استدركت منها، ورادّها إلى بيت المال، أنزع هذا الرخام والفسيفساء وأطيّنه، وأنزع هذه السلاسل وأصيّر بدله حبالا، فاشتدّ ذلك على أهل دمشق فخرج أشرافها إليه وكان فيهم يزيد بن سمعان وخالد بن عبد الله القسريّ، فقال خالد لهم: دعوني والكلام، قالوا: تكلّم، فلمّا