الحديد، وفيه أعجوبة أخرى أنه لو بقي مائة سنة لكانت تلك القوّة قائمة فيه، ولو سقي كما تسقى السكاكين، والمغناطيس نفسه إذا حكّ عليه الثوم لم يجذب الحديد، وذلك شبيه بناب الأفعى، لأنهم إذا حشوا فيه حمّاض الأترجّ، ثم عضّ وانقلب لم يكن له سمّ قاتل.
وقد بارك رسول الله (عليه السلام) في بنها قرية مصر. وقال أهل مصر:
اتّخذ يوسف (عليه السلام) الفيّوم بالشرقي في جبل شرب أسفلها وأعلاها ووسطها بماء واحد لا تعدم الثمرة فيها رطبة شتاء ولا صيفا.
قالوا: وإذا جاوزت بلاد غانة إلى أرض مصر انتهيت إلى أمّة من السودان يقال لها كوكو، ثم إلى أمّة يقال لها مرندة، ثم إلى أمّة يقال لها مراوة، ثم إلى واحات مصر بملسانة.
وبمصر، الهرمين «1» الذي يرى أصحابه كأنهم دفنوا حديثا، إلّا أنهم في عمق من الأرض، وهي ثلاثة أهرام، كلّ هرم أربع مائة ذراع طول في أربع مائة ذراع عرض، في سمك أربع مائة ذراع في الهواء، مبنيّة بحجارة المرمر والرخام، غلظ كلّ حجر وطوله وعرضه عشرة أذرع مهندز مهندم، لا يستبين هندامه إلّا الحادّ البصر، منقور في كلّ حجر بالكتاب المسند، يقرأه كلّ من يقرأ المسند، كلّ سحر وكلّ عجب من الطبّ وكلّ طلسم وكلّ خلقة طير. وحدّث بعض المشايخ بمصر أنه قرئ لبعض خلفاء بني العبّاس على الهرمين مكتوب أنّي بنيتهما فمن كان يدّعي قوّة في مله فليهدمهما، فإن الهدم أيسر من البناء، فأرادوا هدمهما فإذا خراج الأرض لا يقوم به فتركوهما. وقال عبد الله بن طاهر: رأيت بمصر من عجائب الدنيا ثلاثة أشياء: النيل، والهرمين، وابن عفير. وكان ابن عفير هذا كثير العلم، واسمه سعيد بن كثير بن عفير. قالوا: ووجد في أهرام مصر حيّة من ذهب في شدقها صفيحة فضّة مكتوب فيها: