مصر بوادي مهران وهو وادي السند ومن هناك أتاه. وبمصر من العجائب الفرس الذي يكون في النيل يأكل التماسيح وغيره من الدوابّ ويربّي هذا الفرس إذا كان فلوا في البيوت مع النساء والصبيان وفي سنّه شفاء من وجع المعدة. والنوبة والحبشة تتعالج به لأنهم يأكلون الأطعمة الغليظة فيشرفون على الموت من وجع المعدة فيأخذون سنّ هذا ويتعالجون به فيبرؤون وأعفاجه تبرئ من الجنون الذي يأخذ في الأهلّة. ومن عجائب النيل دابّة تسمّى ذا القرن تكون في النيل على أنفها مثل السيف الحادّ تقطع الصخرة إذا ضربتها وربّما قتلت به الفيل.
وأهل مصر يعدّون النيل من أحد عجائبهم وذلك أنه مخالف لجميع الأودية التي عليها ضبع العالم وكلّ سرب ومغيض فإنّما استقباله من ناحية الشمال وليس النيل كذلك لأن مجراه من ناحية الجنوب وليست التماسيح في شيء من هذه الأودية المعروفة لا ترى بالفرات ولا دجلة ولا سيحان ولا جيحان ولا نهر بلخ، ولا فيها من الفساد والدواب الخبيثة، وشرب أهل مصر في البواقيل «1» ،
وقال النبيّ (صلى الله عليه وسلم) : «تغور المياه كلّها وترجع إلى أماكنها، إلّا نهر الأردنّ ونيل مصر والحجرات وعرفات ومنا» .
وقال ابن الكلبيّ: إذا طلع العيّوق غارت المياه كلّها ونقصت إلّا نيل مصر، ويمتدّ النيل لسبع من أيّار. وقال عبد الله بن عمرو: نيل مصر سيّد الأنهار، سخّر الله له كلّ نهر بين المشرق والمغرب، فإذا أراد الله أن يجريه أمر كلّ نهر أن يمدّه، فأمدّته الأنهار بمائها، فإذا فجّر الله به الأرض عيونا وانتهى من جريته إلى ما أراد الله، أوحى الله عزّ وجلّ إلى كلّ ماء أن يرجع إلى عنصره، وفي الخبر أربعة أنهار من الجنّة: النيل، والفرات، وسيحان، وجيحان.
وقال بعضهم: النيل يخرج من خلف خطّ الاستواء من بحيرتين يقال لهما بحيرتا النيل، وهو يطيف أرض الحبشة ويجيء فيمرّ بين بحر القلزم- وهو بحر الفرما- وبين المفازة، فيجيء فيصبّ بدمياط، ويخرج إلى البحر الروميّ المغربيّ، ودمياط على البحر الروميّ المغربيّ. وقال أبو الخطّاب: قال المشتري ابن الأسود: غزوت بلاد أنبية عشرين غزاة، من السوس الأقصى، فرأيت النيل بينه وبين البحر الأجاج