الوجه الثاني: أن يأتي النشر على غير ترتيب اللّف، ويُسمَّى "اللَّفَّ والنشر غير المرتّب" وقد يُعَبَّر عنه بعبارة "اللّف والنشر الْمُشَوّش".
أولاً: فمن أمثلة اللّف والنشر المرتب ما يلي:
المثال الأوّل: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (القصص/ 28 مصحف/ 49 نزول) :
{وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الآية: 73] .
فقد جاء اللّفُّ بعبارة {جَعَلَ لَكُمُ الليل والنهار} إذْ جُمع اللَّيْلُ والنهار بحرف العطف. وجاء النشر وفق توزيع مرتب، فعبارة: {لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} تتعلّق باللّيل، وعبارة: {وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} أي: كسْبَ أرزاقكم، تتعلّق بالنهار، مع الإِشارة بهذا الجمع إلى احتمال أن يسكن بعض الناس في النهار ويبتغي كسب رزقه من فضل الله في اللّيل، لكن هذا خلاف ما هو الأصلح للناس بمقتضى تكوينهم الفطري.
المثال الثاني: قول ابنْ حَيُّوس:
فِعْلُ الْمُدَامِ ولَوْنُهَا وَمَذَاقُهَا ... فِي مُقْلَتَيْهِ وَوَجْنَتَيْهِ وَرِيقِهِ
الْمُدام: الخمر.
فأورد النشر على ترتيب اللّف، إذْ فِعْلُ الْمُدام في مُقْلَتَيْه إسكار، ولونُها في وجنتيه حُمْرةٌ، ومذاقُها في رِيقِهِ لذّة.
المثال الثالث: قولُ ابن الرومي:
آرَاؤُكُمْ وَوُجُوهُكُمْ وسُيُوفُكُمْ ... في الْحَادِثَاتِ إِذْ دَجَوْنَ نُجُومُ
فِيها مَعَالِمُ لِلْهُدَى. ومَصَابِحٌ ... تَجْلُو الدُّجَى والأُخْرَيَاتُ رُجُومُ