دارس كتاب الله عزّ وجلّ بتدبُّرٍ وتأنٍّ وتفكيرٍ عميق يكتشف مناهج بيانيّة رائعة انفرد القرآن المجيد بها، ثم أخذ أذكياء البلغاء يتأسَّوْنَ بها على مقادير أَوْعيتهم الفكريّة، وما وهَبَهُم الله عزّ وجلّ من قُدْراتِ بيانٍ رفيع، فمنهم المجلّي، ومنهم من يأتي في الدرجة الأدنى فالأدنى وهكذا تنازُلاً، حتى آخِر الْمُسْتَنِّين في مِضْمار الْبَيان الأدبي.
وقد رأيت أن أضيف إلى علم البيان فصلاً يتعلّق بما اكتشَفْتُه في القرآن المجيد من ظاهرات بيانيّة يُفِيدُ منها متدبّر كتاب اللَّهِ عزّ وجلّ، الباحثُ في معانيه ومراميه، والمتذوّقُ لآدابه وفنونه البلاغيّة العجيبة الرائعة، ويهتدي بهديها البلغاء وأهل الأدب، فيما يُنْشِئونَ من كلام رفيع، يُحبِّرونه بأقلامهم من نثر أو شعر، وفيما يرتجلونه من قولٍ في خُطَبٍ ومحاضرات، أو دروس ومحادثات.
وأعرض في هذا الفصل الظاهرات التي اكتشفتها في القرآن المجيد ضمن مقولتين، وهي ممّا سبق أن شرحته في كتاب "أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع":
الأولى: حول منهج البيان القرآنيّ في التنويع والتكامل.
الثانية: حول منهج البيان القرآني في حكاية الأقوال والأحداث والقصص.