والرسّام التخييليُّ يستخدم الخطوط والألوان والأشكال في اللّوحات وفي المجسَّمات.
***
ولدى التحليل النفسيّ نلاحظ أنَّ التعبير الكلامي الأوليّ الكاشف للتشابه في الذهن، يجعل المعبِّر يضع أداة التشبيه، فيدُلُّ بعبارته على وجه الشبَه الذي رآه.
وهذا يناسب الكلام العاديّ، ويكون بليغاً إذا كانت حال المخاطبين تستدعيه.
وإذا كان وجه الشبه ممّا لا يَصْعُبُ على المخاطبين اكتشافُه بأنفسهم، كان من البلاغة عدمُ التَّنْبيه عليه بعبارة كاشفة.
وإذا كان الإِخبار عن المشبَّه به على سبيل الادعاء، يكفِي لتَنْبِيه المتلقّي على المشابهة بينهما دون اللّجوء إلى ذكر أداة التشبيه، كان هذا في مثل هذه الحال أكثر بلاغة، لأنّه أكثر إرضاءً لذكاء المتلقِّي، لما في التصريح بالأداة من اتّهامه بأنّه لا يكفيه التعبيرُ بادّعاء أنَّ المشبَّهَ به يُخْبَرُ به عن المشبَّه دون التصريح بأداة التشبيه، وهنا يأتي الحدُّ الفاصل بين التشبيه وبين الاستعارة، فَيَنْظُرُ المحلِّل من جهة ذكر لفظ المشبَّه وحَمْل اسم المشبَّه به عليه، فيَرى أنّه تشبيه بليغ حُذِفَتْ منه أداةُ التشبيه، وينظر من جهة ذكر لفظ المشبّه به دون أداة التشبيه فيرى أنّه استعارةٌ للفظ المشبّه به، وإطلاقٌ له على المشبّه بادْعاء أنَّه هو، لتنبيه المتلقي على عنصر التشابه بينهما مدحاً أو ذمّاً أو غير ذلك من مقاصد التشبيه.
ويرتقي الأديب ببيانه التعبيري درجةً أخيرة فيرى أنَّه لا داعيَ لذكر لفظ المشبَّه، ويكفي عن ذكره قرائنُ الحال أو المقال، فيكتفي بذكر لفظ المشبَّه به في عِبَارَته، أو بذكر صِفَاتٍ أو لوازم هي من خصائصه، ويَكُونُ في الكلام ما يمنع اللَّبْسَ، ويَدُلُّ على المراد، وهذه الدرجة العالية من البيان التعبيريّ عن التشابه تُنَاسِبُ من تُسْرِعُ أفهامُهُمْ لإِدْراك المراد، ويكون بالنسبة إليهم هو الكلام الأكثر