والعمق في الكلام يتكوّن من أسباب، منها مايلي:

الأوّل: عدم الإشارة باللّفظ إلى الترابط المنطقي بين المعاني، أو إلى الترتيب الزماني أو المكاني بين الأحداث، أو غير ذلك من أمور مع إبقاء كل جملة في محلِّها الطبيعي.

ولوْ أنَّه جاءت الإشارة الصريحة إلى هذا الترابط، أو هذا الترتيب بلفظ دالٍّ، لخرج المعنى من العمق إلى السطح.

ولكن يفقد النّص بذلك عاملاً من عوامل جدّته في نفس القارىء عند كل تدبُّر.

الثاني: الكنايات البعيدة ذوات الدلالات المتتابعات.

الثالث: المحاذيف التي تُحْذَف للإِيجاز، ويقتضيها معنى النّص، أو يستدعيها التوازن والتناظر والتكامل فيه، أو غير ذلك، ويبقى المعنى بعد حذفها صحيحاً، إلاَّ أنّه جزء من المعرفة التي يدلُّ عليها السطح والعمق معاً.

والعمقُ القرآنيّ عمقٌ معجز، لهذا سيظلّ في القرآن جديد يفهمه المتدبّرون المتعمّقون.

والسّطحُ والْعُمْقُ في القرآن شيءٌ غير الظاهر والباطن الذي تدّعيه الباطنيّة كذِباً وبهتاناً وافتراءً على الله ورسوله، إنَّ الذي يقولون به خرافةٌ يُقْصَدُ بها تحريف نصوص كتاب الله وسنّة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومن ميزة السطح والعمق في القرآن أن الْعُمْقَ يُكَمِّل السطح، ولا ينقضه، ولا يتنافى معه.

وشأن المتدبِّر في القرآن كشأن الباحث في سطح البحر وعمقه.

ومن بُلغاء البيان مَنْ يكون لبعض كلامهم سطح وعمق، إلاَّ أنّ العمق لديهم سهل الاستخراج وقد يتنافى مع السطح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015