على أنّ ما النهر صافٍ شديد الصفاء، وهذا يدلُّ على أنّه نهر جارٍ من نبعٍ، فليس ماءً راكداً آسناً، وليس ماءَ سيل كدراً.

بهذا التحليل نلاحظ أنّ التشبيه الذي اشتمل عليه هذا القول هو من الْوَجْهِ الأول من وجْهَي التمثيل.

وهذا الوجه هو من روائع تشبيه التمثيل فيما أرى، وأبدع ما جاء منه ما جاء في الأمثال القرآنيّة، التي أوفيتها دراسة في كتاب "أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع".

* ومنه قول بشّار بن بُرْد:

كَأَنَّ مُثَارَ النَّقْعِ فَوْقَ رُؤوسِنَا ... وَأَسْيَافَنَا لَيْلٌ تَهَاوَى كَوَاكِبُه

مُثَارَ النَّقْعِ: أي: مُثَارَ الْغُبَار الَّذِي تَثِيرُهُ حوافر الْخَيْلِ وحَرَكَةُ القتال في الحرب.

تَهَاوَى: أي: تَتَهَاوَى.

فشبَّه صورة الْغُبَار المثار بحركة القتال والذي تتهاوى داخله أسْياف المقاتلين على أعدائهم بصورة لَيْلٍ تتهاوَى على الأرض كواكبه.

ووجه الشبه الجامع بينهما الهيئة الحاصلة من هُوِيَّ أجرامٍ مشرقة مستطيلة مُتَنَاسبة المقدار، ومتفرقة، في جوانب شيءٍ مظلم، وتظهر فيها الحركة التي زادت التمثيل حسناً.

ولدى التحليل نلاحظ أنّ التشبيه المركّب قد جاء في شكل عناصر متلاقية في المشبّه، تقابل أمثالها في المشبّه به، ويتحصّل من ذلك هيئة كلّيّةٌ في صورة.

* ومنه قول أبي طالب الرَّقّي:

وَكَأَنَّ أَجْرَامَ النُّجُوم لَوَامِعاً ... دُرَرٌ نُثِرْتَ عَلى بِسَاطٍ أَزْرَقٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015