هنا نُدْرك الإِبداع والجمال في التعبير القرآني الذي قال الله عزَّ وجلَّ فيه بسورة (الإِسراء/ 17 مصحف/ 50 نزول) :
{وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً} [الآية: 29] .
ونظيره ما جاء في سورة (المائدة/ 5 مصحف/ 112 نزول) :
{وَقَالَتِ اليهود يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ ... } [الآية: 64] .
ولعامّة الناس في تعبيراتهم الدارجات كناياتٌ كثيرات، فَبَدَلَ أَنْ يقولَ قائلهم: "أنا أكبر من فلان سنّا" يأتي في تعبيراتهم:
لمّا كنت مُدرساً كان في المرحة الابتدائية - كنْتُ أحمله وهو ابن سنتين - وتقول المرأة: هو ابني من الرضاعة.
ويقول قائل: عن أسرة غنيّة: كانوا يستجدون صدقات الناس قبل الحرب، أي: هم أثرياء حَرْب - كانوا فقراء قبل أن يُعيَّن وليُّهم مديراً للمالية -.
وقال مُعَمِّي مهنة أبيه: أنا ابْنُ من خضعت له الرؤوس، أي: ابن حلاَّق.
إلى غير ذلك من تعبيرات لا تُحْصَى.
***
الأغراض البلاغيّة لاستخدام الكناية:
تُستَخدم الكناية لأغراض بلاغيّة كثيرة، منها الأغراض التالية:
الغرض الأول: إيثار الأسلوب غير المباشر في الكلام، إذا كان مقتضى الحال يستدعي ذلك.
فمن المعلوم أنّ الأسلوب غير المباشر أكثر تأثيراً فيمن يُقْصَد توجيه الكلام له غالباً.