(3) إعادة الظاهر بعد طول الفاصل أحسَنُ من الإِضمار، لئلا يشتغل الذهن بالبحث عمّا يعود عليه الضمير.
***
الطريقة الرابعَةَ عشْرة: "التأكيد".
الأصل في الكلام لتأدية المعنى المراد أنْ لا تزيد كلماتهُ عمَّا يُؤَدّي أصل المعنى، فإذا زادت عمّا يؤدّي أصل المعنى المقصود بالبيان لغرض يُقْصَدُ لدى البلغاء كان ذلك إطناباً مفيداً، كلّما دعت الحاجة إليه، كأن تكون الزيادة معه يقتضيها حال المتلقّي للكلام، أو حال المعبّر عما في نفسه، كعاشق، أو فرِحٍ أو حزين.
ومن الزيادات في الكلام عن أصل المعنى المقصود بالبيان إضافةُ المؤكّداتِ إليه مراعاةً لحال من يُوَجِّه له.
وقد سبق في الفصل الثالث من الباب الأول "مدخل إلى علم المعاني" بيان التأكيد وعدمه في الجملة الخبرية، وبيان مؤكّدات الإِسناد الخبري.
ونبحث هنا التأكيد من جهة كون الألفاظ الدالة عليه زوائد تجعل الكلام الذي أضيفت إليه يندرج في قسم الإِطناب.
والتأكيد هنا يشْمَلُ تأكيد المفرد، وتأكيد الجملتين الخبريّة والإِنشائية.
وأُبيّنُ هنا أنّ من يُوجَّهُ له الكلام، إذا كانت حاله لا تقتضي تأكيداً، كانت إضافة المؤكّدات إلى الكلام الموجّه له إسهاباً وتطويلاً لا داعِيَ له، وكان الكلام الموجّه له غير بليغ، إذ الكلام البليغ هو المطابق لمقتضى الحال.
ومن المستحسن هنا أن أُوجز عرْضَ المؤكّدات، والدواعِيَ البلاغيّة للتأكيد وأحيل مع هذا على ما سبق في الباب الأوّل من الكتاب.