أيْ: إنَّ غياب الكوكب ظاهرة حدوث، وصفه الحدوث لا تكون من صفات الرَّب الخالق، فالكوكب لا يصلح لأنْ يكون ربّاً، فأنا لا أحب عبادة الآفلين الذين ليس أحد منهم يصلح لأنْ يكون ربّاً خالقاً، إنَّما أحبَّ عبادة ربِّي الحقّ.
فجملة {لا أُحِبُّ الآفلين} في معرض البحث عن الربِّ الخالق، تستدعي لدى أهل الفكر والنظر وأذكياء التأمّل كل هذه اللّوازم.
(د) وإمَّا أنْ يكون معنَى يُلمح لمحاً، أو يشم شمّاً، ويتطلّب إدراكه حِسّاً مُرْهَفاً، وممارسة لإِدراك مشاعر النفوس من وراء تعبيرات اللّسان.
وقد لا تظهر لوازم فكريّة تدلُّ عليه، بل قد تكون الإِشارة إليه من قرائن الأحوال، أوْ مِنَ التصريح بشيء وعدم التصريح بقرينه أو مُقَابِله، مع وجود الدواعي لهذا التصريح.
ويعمل الذّكاء وقوّة الحَدْس في هذا المجال لاكتشاف ما يختلج في النفوس من معانٍ لم يُفْصِحْ عنها اللّسان، لسببٍ مِنَ الأسباب، كالاستحياء، أو الكِبَر، أوْ العِفَّة، أو الخَوْف، أو غير ذلك.
ونستطيع أنْ نمثِّل لهذا القسم بالأمثلة التالية:
(1) قول موسى عليه السلام بعد أن سقى لابنتي الشيخ الصالح عند ماء مدين ثم تولّى إلى الظّل، كما جاء في سورة (القصص/28 مصحف/49 نزول) :
{رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [الآية: 24] .
فهو في هذا يشير باستحياء إلى حاجته إلى الزوجة إشارة خفيَّة لا تُعْرف إلاَّ من قرينة الحال.
(2) قوْل أيُّوب عليه السلام بعد أنْ طال به المرض ثمانيةَ عشر عاماً: يا ربْ إنِّي مسَّني الشيطانُ بنُصبٍ وعذاب. قال تعالى مبيِّناً دعاءه في سورة (ص/38 مصحف/38 نزول) :