وباستطاعتنا أن نحدّد معالم المراتب الطبيعيّة لعناصر الجملتين: الجملة الفعلية، والجملة الاسمية في اللّسان العربي، اتّباعاً لما نصّ عليه علماء العربيّة في بعضها، واستناداً إلى أهميّة كلّ عنصرٍ من عناصر الجملة في البيان، وأولويته في ترتيب المعاني، مع ملاحظة أذواق فصحاء وبلغاء الناطقين العرب في ترتيب عناصر جملهم التي يصوغونها في كلامهم.
وأبدأ بالمجملة الفعلية، لأنها هي الدرجة الدنيا في سلّم البيان، وأُثَنّي بالجملة الاسمية، لأنّها الدرجة العليا في سلّم البيان، إذْ هي آكد وأقوى، إذا كان الخبر يتحمّل ضمير المبتدأ، أو كان في توابعه أو ما يتّصل به ما يتحمّل ضمير المبتدأ.
وقد صرّح جمهور البلاغيين بهذا الترتيب، وعلَّلوه بأنّ الجملة الاسميّة تشتمل على الحكم بمضمون الجملة مرَّتين.
* فالمرّة الأولى تكون بإسناد الخبر إلى لفظ المبتدأ.
* والمرّة الأخرى تكون بإسناد الخبر وتوابعه وما يتصل به إلى ضمير المبتدأ المستتر في الخبر أو فيما يتصل به أو في توابعه.
فإذا قلنا: "زيدٌ قائم" أو "زيدٌ قام" ففي لفظ "قائم" وفي لفظ "قام" ضميرٌ يعود على "زيد" فيحصل بذلك إسناد القيام إلى لفظ "زيد" وإسناده إلى ضميره، قالوا: وإسنادان أقوى من إسناد واحد، إذْ هو بمثابة إعادة الجملة مرّتين على سبيل التأكيد.
أمّا الخبر الذي لا يتحمل هو ولا ما يتصل به ولا بعض توابعه ضمير المبتدأ، مثل: "القمح البرّ - القمح البرُّ الذي نصنع منه خبزاً نأكله"، فالجملة الاسمية معه بقوّة الجملة الفعلية البسيطة، وهما جميعاً في المرتبة الدنيا.