وقول الله عزّ وجلّ في سورة (يونس/ 10 مصحف/ 51 نزول) :
{وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [الآية: 99] .
أي: ولو شاء الله أنْ يذهَبَ بسمعهم وأبْصَارِهم لَذَهَبَ ... .
ولو شاء رَبُّكَ أن يُؤمِنَ من في الأرْضِ كُلُّهُمْ جَميعاً لَجَعَلَهُمْ مَجْبُورينَ لا خِيارَ لَهُم ولآمَنْ مَنْ في الأرضِ كلُّهم جميعاً عندئذٍ.
فَحَذَفَ المفعول لفعل المشيئة، وهذا الحذف هو الغالب في فعل المشيئةِ في النصوص القرآنية، وكذلك فعل الإِرادة، إلاَّ إذا كان المفعول أمراً مستغرباً أو مستنكراً أو مستحيلاً، فالداعي البلاغي لذكره أقوى من الداعي البلاغي لحذفه.
والداعي البلاغي للحذف هنا: الإِيجاز والتشويق بالإِبهام ليأتي البيان بعده شافياً، مع داعي إمتاع أهل الفكر بالاستنباط والاستخراج الفكري، اعتماداً على دلالات القرائن.
***
المثال العاشر:
قول الله عزّ وجلّ في سورة (النجم/ 53 مصحف/ 23 نزول) :
{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وأبكى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [الآيات: 43 - 44] .
وقوله فيها:
{وَأَنَّهُ هُوَ أغنى وأقنى} [الآية: 48] .
جاء في أفعال هذه الآيات الثلاث حذف المفعول به تنزيلاً للفعل المتعدي منزلة الفعل اللازم، إذ الغرض بيان أنّ الله عزّ وجلّ هو الذي تكون بخلقه هذه الأفعال التي تحدث في الناس، فذكْرُ المفعول به إطناب لا لزوم له، إذْ هو خارج عن المقصود بالبيان.