ويستَخْرِجون ويكْتَشِفُون مِن عناصر إعجاز القرآن البياني ما لم يكتشِفْهُ السّابقون.
على أنّ كتاب الله عزّ وجلّ أوسَعُ من أن يُحْصِيَ كُلَّ عناصرِ إعجازه البياني الباحثون والمستخرجون والمكتشفون، مهما اجتهدوا ونقَّبُوا، لأنّ كثيراً من عناصر الجمالِ تُدْرَكُ بالحسّ الجماليّ ولا يُسْتطاعُ تحديدُها والتعبيرُ عنها ولا اكتشافُ عناصِرِها.
وسيظهر في كلّ عَصْرٍ من جوانب إعجاز القرآن البياني روائع ما توصَّلَ السّابقون إلى اكْتشافها واستخراجها، فَهُو كتاب لا تفنى عجائبُهُ، ولا يَخْلَقُ عَلى كثْرةِ الرَّدّ، كَما جاء وصفُهُ في كلام الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد فتح الله عليّ بجملة طرائف ولطائف هي من عناصر إعجاز القرآن البياني، أردتُ أن أضيفها إلَى علوم البلاغة التي استقرّت منذ قرون على هَيْكلٍ لم يَدْخُلْهُ من الإِضافات والتعديلات إلاَّ القليل، وبعضُ التطبيقات من الأمثلة.
وفتح الله على غيري من الباحثين متناثرات تَتّصِل بموضوع إعجاز القرآن البياني، ويَحْسُنُ أن تُضافَ إلى علوم البلاغة، كظاهرة التصوير الفنّي الّتي اهتدى إليها المرحوم "سيّد قطب" وكالْبُحوث الطيّبة حول القصّة القرآنيّة الّتي نجدها لدى عدد من الباحثين المعاصرين.
فعزمْتُ مستعيناً بالله العزيز الحميد الوهّاب أنْ أجْمَعَ ما انتهى إليه السّابقون من علوم البلاغة، محاولاً التذليلَ والانتقاءَ واستيعابَ الأمّهاتِ والْمُهِمّات، متجاوزاً التفصيلاتِ التي لا تُكسِبُ مَلَكَةَ تَذَوُّقِ الجمال البياني، والّتي دخلت في علوم البلاغة بتأثير الدراسات المنطِقيَّةِ والرّياضيّةِ العقليّة الصِّرْف، ومتجاوزاً الإِجراءات التي تُشبه التحليل الكيميائي في معامل الكيمياء، والتي تفقد النصّ روعته الجماليّة، كأنواعِ الاستعارات في الفعلِ والحرف وإجراءاتها، وأشباه ذلك.
وأرجو أن أُوَفّق لتحقيق ما عزمْتُ عليه من تقريب علوم البلاغة وفُنُونِها